2012/07/04
أحمد علي هلال - البعث
لا ينطوي القول بدراما نسوية أو نسائية، على تحيز مقصود إلى اشتقاق مصطلح بعينه في مقابل دراما ذكورية، واقع الأمر أن التوصيف يستبطن لدى –المتلقي- مساءلة حضور المرأة، مبدعة وكاتبة نص، فضلاً عن مستويات حضور قضاياها المجتمعية بطابعها الإنساني، في شكل مقاربات تنشغل بتفاصيل قد تبدو مألوفة، غير أن امتياز طريقة سردها بصرياً، تتوقف عليه درجة متابعة المتلقي، أو اهتمامه أو تطيره مما قد يعتبره ترفاً فائضاً، لا يحيل إلى ضرورات منها: دلالات تمثيل قضايا حيوية لا تختزل المرأة لمجرد صور عابرة، وبأدوارها التقليدية، أي بتبسيط مخل، أو مبالغة تذهب حد المثال الذي قد يتجاوز الواقع نفسه، بغض النظر عن جملة ذرائع درامية تقال على سبيل التعليل!
ثمة مسافات "افتراضية" ما بين الطموح والجرأة والمكاشفة، وسرد المسكوت عنه بالمعنى "النسوي"، في مقابل السعي الحثيث لإحراز تلك الصورة الكلية، لا النمطية التي باتت تشكل عوالم المرأة وخصوصيتها، وقدرتها على الإفصاح عن شواغلها، وبمعنى آخر، ألا تبقى –الصورة- في مستوى المحاكاة فقط –كمرايا محايدة، لا تذهب إلى رؤيا، أو معادل درامي يرتقي حقاً بمستويات المعاناة، ليحقق ما يمكن أن يوصف بالفعل الدرامي النسوي المؤثر، فكرياً وفنياً، وعليه فإن معادلات الصوغ الدرامي بخصوص الدراما النسائية، مع انفتاح الدلالة وليس قسرها أو اختزالها، هي التي تقرر-على الأرجح- مدى تمثيل وتمثل صوتها الخاص، وحراكها وسيرورتها المجتمعية تكاملاً مع مجتمعها، وليس "تنظيراً" كذلك لمفاهيم وأفكار عمومية.
ومن ثم، فإن القول بتضاؤل المساحة لجهة الدراما النسائية أو تواتر إرهاصاتها، ينطوي تالياً على محاولة جادة لمساءلتها، كما طبيعة الموضوعات التي تثيرها، اتصالاً ومواكبة لما يفرضه إيقاع تغييرها، وإنصافها، دون التندر –أيضاً- بمرحلة بعينها قدمت فيها النماذج النسوية في إطار رومانسي وعاطفي حالم، وفي سياق "السلب" تبعاً لرؤيا النص الدرامي الذي يخضع بدوره لاستحقاق ما، وصولاً إلى تكريس صورة نمطية درجت عليها الدراما العربية في الأغلب الأعم، وفي الدراما السورية شُغِلت دراما البيئة الشامية، بالكثير من النماذج التي استدعت سؤالاً ضرورياً هل هنّ هكذا حقاً؟! على الأقل في الوعي الذكوري وفي الأزمنة والأمكنة المفترضة، ودون أن نبخس جملة من الإشارات الضئيلة التي ترهص تفعيل دورها في سياق واقعها، لكن التغير الذي استدعته حداثة الإشكاليات الاجتماعية، بفضاءاتها المختلفة، نقل النص الدرامي خطوة في سياق البحث عما يقارب تعبير المرأة عن حساسية قضاياها المشتركة فهي لم تعد في السياق، لوحة ناقصة أو جملة ناقصة تجتذب التعاطف وتستدر الدموع بمآلات خطاب درامي عاطفي وحسب، فهل وقفت أعمال مثل: أشواك ناعمة، وبنات أكريكوز، وبنات العيلة، وجلسات نسائية، على تلك الهواجس وغيرها، أسئلة تأخذنا إلى حساسية النص الدرامي أولاً، ومن ثم معيارية ما يطرح فيها برؤى الكاتبات، بطموحهن، الذي تجاوز فقط الترفيه والتسلية، إلى استحقاق الانفتاح على مسائل لا تخص –المرأة- وحدها، تحديداً بحساسية الكاميرا لما تعنيه دراما نسائية وسط عالم متغير لا يحيل إلى "لحظة نسوية" خالصة، بقدر ما يحيل إلى لحظة معرفية، لا يُحتاج معها إلى تكريس مفاهيم السوق واشتراطاته وإكراهاته، انطلاقاً من ضرورة الفن، التي تُقصي مغامرات درامية مجانية، تضاعف استلاباً ما، وتجمله على حساب قيم مضافة يحتاجها المشهد الدرامي النسوي في سيرورته الإبداعية نصاً ورؤية، وتفاعلاً خلاقاً..