2015/10/27
الأخبار - وسام كنعان
تقع قناة «أبو ظبي» في مغالطة واضحة عند الترويج لبرنامجها «أراب كاستينغ» (الجمعة ــ 20:30) عندما تقول إنّه «الأوّل من نوعه في العالم العربي»، متناسيةً أنّ قنوات عدّة سبقتها إلى هذه الفكرة. مثلاً، قدّمت قناة «الدنيا» السورية سنة 2010 برنامج The Actor (الممثّل)، وكان بين أعضاء لجنة تحكيمه النجم باسل خياط الذي يجلس أيضاً في لجنة تحكيم «أراب كاستينغ» إلى جانب قصي خولي، وغادة عبد الرازق، وكارمن لبّس.
وشاهدنا منذ فترة النجمة المصرية نبيلة عبيد وهي تقدّم نسخة من هذا البرنامج بعنوان «نجمة العرب» («روتانا سينما»، lbc) قبل أن تصل الكرة اليوم إلى ملعب «أبو ظبي» التي تتقاسم الإنتاج كالعادة مع «شركة كلاكيت» (إياد النجار). قبل انطلاق «أراب كاستينغ» الذي وصل إلى حقلته الرابعة، طُرحت أسئلة نقدية ركّزت على إمكانية جذب المشاهد من خلال اسكتش يُقدّمه أحد هواة التمثيل منفرداً من دون عناصر فنية مكمّلة تعتبر جزءاً أساسياً من الحالة الدرامية، وعن الرؤية الإخراجية وغياب الإدارة اللازمة للممثل، وضرورة أن تكون النصوص مكتوبة بعناية قريبة من الاحترافية.
وتطرّقت الأسئلة أيضاً إلى مكان التصوير، والديكور، والموسيقى، وغيرها. لكن سرعان ما جاءت حلقات البرنامج لتكشف تنبّه الجهة المنتجة لتلك المسائل، والتركيز على موسيقى تصويرية أُعدّت سلفاً بشكل ينسجم مع منولوجات المشتركين، وترك الحرية لهم في إعداد مشاهدهم بنفسهم كما تفعل المعاهد المتخصّصة لدى إجرائها اختبارات القبول لطلابها.
هكذا، تُرك الباب مفتوحاً أمام اكتشافات حقيقية لمواهب شبابية، خصوصاً تلك الآتية من المغرب العربي مثل زوبير بلحر، ووليد بلحاج عمّار، وجيهان خليل، وجوليا الشواشي الذين قدّموا أسلوباً احترافياً في فن التمثيل. بعض المشتركين أتوا من معاهد تمثيل، وبعضهم وصل مصحوباً بحماسته وموهبته من دون سابق معرفة أكاديمية عن هذا الفن المعقّد. من جهة أخرى، عرف الطاقم الإخراجي لـ «أراب كاستينغ» كيف يصطاد اللحظات الكوميدية العفوية ويركّز عليها، وينتقي أسلوباً ذكياً في مونتاج ساهم في تكثيف المادة الفنية وجعلها أكثر رشاقة، مخفّفاً من عبئها أحياناً.
لكن رغم اعتماد قسم كبير من المشتركين على الأداء الخارجي، لم نتابع ملاحظات تحكيمية تشير إلى ضرورة تخطي العيب الكبير في الأداء المعاصر أو المبالغة في إظهار التراجيديا بغية استجداء عواطف المشاهدين. وهذه مشكلة ما زالت تواجه ممثلين محترفين حتى الآن.
شهدنا توجيه ملاحظات حول صلاحية بعض المشتركين للأداء المسرحي دون غيره، علماً بأنّ كل الظروف المتاحة تفرض على المشترك التأثّر بالمسرح الذي يقف عليه أمام لجنة التحكيم. ورأينا النجمة المصرية غادة عبد الرازق متعاطفة (إلى حدّ التطرّف) مع أبناء بلدها، في ظلّ غياب ملاحظات ذات عمق فني لكارمن لبّس وقصي خولي.
ترك هذا الأمر فراغاً واضحاً لجهة تقييم المواهب، لتقع المهمّة على عاتق باسل خيّاط. تابعنا النجم السوري وهو يرفع معنويات المشتركين، ويخبرهم أنّه سبق له أن رُفض في «المعهد العالي للفنون المسرحية» مرّتين قبل أن يُقبل في الثالثة. يختار خيّاط ملاحظاته بدقة، ويحوّلها إلى ما يشبه النصائح الأكاديمية المكثفة، وفي مكانها الصحيح. نصح بطل مسلسل «طريقي» بعض من وقف أمامه بالتركيز على لغة الجسد، وتمنّى على آخرين نسف ما علق في ذاكرتهم من مشاهد وشخصيات تأثروا بها سابقاً، مثنياً على الأداء السليم عند البعض. باختصار، شكّل حضور باسل خيّاط حالة حيوية تبتعد عن جمود الأستذة وثقل الوعظ، لكنّها تصوّب نحو ما يجب تقييمه بأسلوب مهني.
على كلّ الأحوال، يستحق برنامج «أراب كاستينغ» مزيداً من الاهتمام والاستمرار في المشاهدة، على أمل أن تحمل الحلقات المقبلة تصعيداً يجعل من المادّة أكثر تشويقاً.