أحمد الزين "خلة وردة" تصيبه بتمزق في أوتار كتفه وعلاجه النقاهة الفيزيائية

ندى مفرج سعيد – مجلة الشبكة

هل كسبت الدراما السورية الممثل اللبناني المخضرم أحمد الزين، وخسرته الأعمال اللبنانية؟ وهل من الممكن ان نشاهده مجدداً في أعمال محلية بعيداً عن الادوار والقضايا الهادفة التي يطل من خلالها؟ وما آخر أعماله وأخباره؟

تعتبر إطلالة الممثل أحمد الزين الاكثر نشاطاً من بين إطلالات زملائه اللبنانيين في الموسم الرمضاني، إذ يطل من خلال ثلاثة أعمال تلفزيونية وفيلم سينمائي، إضافة الى تقديمه الفقرة التلفزيونية اليومية "جوز كلام"، ومدتها دقيقة وتعرض قبل نشرة الأخبار عبر قناة "المنار"، يتناول فيها القضايا السياسية العربية الاقليمية والمحلية بأسلوب مباشر بعيد عن الترميز، كما يؤكد لـ"الشبكة"، وأن البرنامج سيستمر عرضه طالما هو على قيد الحياة. وبالعودة الى التمثيل، يطل الزين من خلال "الغالبون" على "المنار"

أيضاً في رمضان. ويعتبر هذا المسلسل الذي يقع في 34 حلقة أضخم انتاجات الدراما اللبنانية على الاطلاق، ووصلت كلفته الى مليوني دولار، وهو انتاج مشترك بين القناة و"مركز بيروت الدولي"، ويتعاون الزين من خلاله للمرة الرابعة مع المخرج السوري باسل الخطيب. ويقول الزين عن دوره هذا: أجسد شخصية أبو حسين، ولدي 4 أولاد منخرطون في صفوف المقاومة من دون علمي، الى أن افاجأ باعتقالهم في معتقل أنصار، فأصبح فخوراً بهم. ويعتبر الزين هذا الدور جزءاً من حياته وانتمائه ومبائه وتركيبته كإنسان، فهو إبن جبل عامل الارض التي عانت ما لم تعانه أي منطقة جغرافية في لبنان. لكن ماذا يقول عن أول عمل لبناني بهذه الضخامة الانتاجية، والذي لن يكون له الحظ في أن يعرض على جميع الشاشات اللبنانية والعربية؟ يجيب: هذا جرح كبير في الا يعرض المسلسل على كل الشاشات العربية وخصوصاً منها دول الاعتدال. العمل ليس تجارياً، بل يحكي عن الاجتياح الاسرائيلي من العام 1982 الى 1968، لذلك سيعرض على شاشات محددة امثال فلسطين وسوريا والمنار والعراق وايران، لكن نتمنى ان يأتي يوم ويعرض على كل الشاشات العربية وخصوصاً أن العدو واحد. ويتابع: المنطقة تعيش حالة غليان وتتعولب، وأعتقد ان القضية الفلسطينية من آخر همومها باستثناء الفولكلور الذي نشهده. والعمل هو صرخة وخصوصاً أن المشاهد يقتنع أكثر من الممثل والدراما أكثر من تصديقه كلام السياسيين. وفي شأن إطلالته في مسلسل "طالع الفضة" يقول: يحكي العمل عن حقبة الاحتلال العثماني لبلاد الشام في العام 1914، ويقدم الى جانب الممثل السوري عباس النوري شخصية رئيسية. ويطل الزين كلبناني وحيد الى جانب 50 ممثلاً سورياً، مجسداً دور رئيس المخفر اللبناني، وهو دور يؤديه للمرة الاولى. لكن هل ستتم مقارنته بكل من "أبو كلبشة" الشهير (الفنان عبد اللطيف فتحي) و"أبو جودت"، وقد عرفا بتأدية دوري رئيسي مخفر في حارة شامية، وخصوصاً أنه ليس سهلاً على المشاهد السوري أن يرى أحداً في هذا الدور ولا يتذكر (أبو كلبشة)، يجيب الزين: لن أكون لا "أبو كلبشة" ولا "أبو جودت"، إنما أحمد الزين، وهي شخصية جديدة في دور رئيسي. ولقد أخذ مني الدور مجهوداً مضاعفاً لأنه يتناقض مع دوري في "الغالبون"، وأصررت على أن اظهر أنني ممثل وليس فقط أنني أقدم الكوميديا وأدوار المقاومة. وأنا أعتز بهذا الدور الذي أقدمه للمرة الاولى في حياتي.

الزين الذي كان اعتذر عن مسلسل "سقوط الاقنعة"، يطل أيضاً في رمضان من خلال مسلسل "صايعين ضايعين" كضيف شرف في شخصية لم يؤدها سابقاً، ويقول: أجسد دور سائق تاكسي لبناني يدعى "أبو العبد"، يدّعي أنه، كما سيمون أسمر، مكتشف المواهب الفنية، فيقنع بعضهم بالذهاب إلى بيروت لإنتاج ألبوم غنائي، ليكتشفوا في النهاية ألعوبته. لكن أحمد الزين الذي لم يدرس التمثيل برع في أعماله وأصبح علامة فارقة كممثل لبناني قدم خلالها إبن الـ67 عاما منذ بدء مسيرته الفنية ما يقارب الـ120 مسلسلاً ونحو 23 فيلماً و28 مسرحية، ونحو خمسة آلاف حلقة إذاعية من "ابن البلد"، ماذا يقول عن تمثيل رولا سعد المغنية الآتية الى عالم التمثيل، وقد شاركته "صايعين ضايعين"؟ يجيب: هي مهضومة جداً جداً، وقد فرحت بحضورها. وتابع: سأقول لك بكثير من العفوية، إن هذه الفنانة ممتازة فناً وخلقاً. وعندما تسأله عمّا إذا كانت رولا سعد في نظره هي من الفنانين اللبنانيين الذين لم يثبتوا جدارتهم في التمثيل خارج لبنان، وخصوصاً ان لها تجربة تمثيلية سابقة في مصر، يجيب: أعطني اسم ممثل لبناني لم يثبت جدارته في سوريا، أمثال مجدي مشموشي وبيار داغر ورولا سعد وكارمن لبس وسيرين عبد النور وماغي ابو غصن... وأنا أعتز بهم . وتابع: أنا حالة خاصة في سوريا لأنني أعمل سياسة ولدي مواقفي ومسلّماتي في الحياة، لكن أقسم أنه لا يوجد ممثل لبناني دخل سوريا إلا ورفع رأسنا.

أحمد الزين الذي كان من أوائل الممثلين اللبنانيين الذين قدموا الاعمال العربية المشتركة، إذ منذ العام 1975 اشترك في "قمر نيسان الحزين" وتناول قصة رجل مسلم يحب امرأة مسيحية في ظل خطوط التماس، واستكمل مسيرته حتى أضحى في رصيده اليوم نحو 30 مسلسلاً سورياً أطل من خلالها، ماذا يقول عن وفرة الاعمال العربية المشتركة التي تشهدها الشاشات العربية اليوم، وما الذي اختلف بين الامس والحاضر؟ يجيب: في العام 1965 عندما أتى الممثلون المصريون الى لبنان حضناهم جميعاً، فبيروت كانت ولا تزال سويسرا الشرق التي تحتضن الجميع. لكنني شخصياً لا يمكن أن أدخل أي بلد عربي توجد فيها سفارة إسرائيلية. وعندما تسأله عمّا إذا كان موقفه السياسي يحدّ من أعماله وإطلالاته التمثيلية؟ يبادر الى التأكيد أن الامر لا يهمه، لأن الامر يتعلق بكرامته، ويقول: الأعمال تذهب وتعود، لكن الكرامة لا يمكن استعادتها. ويتابع: جمهوري ليس مصنفاً. وانا كنت الوحيد الذي اطل عبر اذاعة "صوت لبنان" خلال الحرب مع سميرة بارودي. واتذكر خلال مقابلة إذاعية السنة الماضية، اتصل بي الكثير من المشاهدين من خط سياسي معارض لما أومن به، وأكدوا لي احترامهم لي لأنني لم أغير موقفي. ويكفيني شرف شهادات كهذه، فأنا لم أتاجر يوماً بخطفي ولا بتهديدي بالقتل، وأتمنى ان تكون وصلت الرسالة. لكن ما هو رأي أحمد الزين في ما إذا اضطر الممثل أو الفنان إلى التخلي عن كرامته في سبيل لقمة العيش واعالة العائلة؟ تأتي الاجابة: انا أحترم الآخر وأعيش في بلد متعدد الحضارات وأعترف به، والمطلوب ايضا ان يعترف بي. فبلدنا يحتضن الجميع، كما انني لست ضد اي شخص موقفه يتعارض مع موقفي. لكن ما ليس بطبيعي أن يكره بعضهم الآخر ويشتمه. وعندما تسأله عمّا إذا كان يوافق لتأدية دور في مسلسل مصري له رسالة على غرار دوره في "الغالبون"، يقول: أوافق فقط في حال تم تصوير المسلسل في لبنان أو في أي بلد لا توجد فيه سفارة اسرائيلية. وحول نظرته مثلا إلى الفنان عبدالله الرويشد الذي أحيا منذ أيام حفلاً غنائيا في نابلس، يقول الزين: لا يمكن أن أوافق المرور على حاجز اسرائيلي.

أحمد الزين الموجود بقوة في الاعمال السورية واللبنانية السورية المشتركة حتى اصبح في رصيده نحو 30 عملاً سورياً، تجده بعيداً عن بوابة الدراما المحلية، ويبرر الغياب بالقول: لا تملأ رأسي الاعمال المحلية، لذلك أنا غائب عنها. فأنا متخلف لا أحب المشاهد "الحرّاقة" والمخدرات. وعندما تقول له ان معالجة موضوع المخدرات في الدرامة كآفة يعانيها المجتمع أمر إيجابي يقول: التركيز الكثيف قد يتحول من علاج الى عادة تفتح الاجيال على التعاطي. وأريد أن أسأل: عندما قدمت الدراما السورية مسلسل "ليس سرابا" وتناولت فيه موضوع شاب مسلم مغرم بمسيحية وشاهدنا الكنيسة والجامع... لم اشاهد حتى اليوم الدراما اللبنانية تقدم عملاً مماثلاً. عندما تقولين مسلسلاً لبنانياً يجب ان نجد فيه كل الاطياف، الا توجد بيننا أوجاع مشتركة؟ الانعاني جميعاً أوجاع أقساط المدرسة وفاتورة المستشفى والمحروقات... وكلها قضايا تغيب عن الأعمال لنجد اعمالاً تباع الحلقة بـ18 الف دولار ويدفع للممثل 300 دولار للحلقة الواحدة في اعمال تبرز العري والجرأة المبالغ فيها في تناول المواضيع، على حساب المضمون والقيمة الفنية، فأقول وحدوا الله، سائلا: إلى أين ستأخذوننا؟ ويتابع الممثل المخضرم: تطرحين سؤالاً على شخص عاش زمن "أبو ملحم"، و" بنت البواب"، و"أرحل وحيداً"، و"نساء عاشقات" و"السنوات الضائعة"، و"البؤساء".... ففي الماضي كان لدينا فقط "تلفزيون لبنان والمشرق"، وكنا نصدر مسلسلاتنا الى 22 بلداً عربياً. اليوم هناك نحو تسعة تلفزيونات، ولا نصدر شيئاً. فهذا جرح. ويدق أحمد الزين "ناقوس الخطر" على مصير الأعمال المحلية التي نجدها اليوم تتجه نحو العري، ويقول: الثقافة الفنية تحتاج إلى قلم وورقة وإلى المال، واحياناً يحضر النص وقد لا يوجد المال. وعندما تسأله عن سبب عدم اتجاه قناة المنار ومركز بيروت الدولي إلى دعم الدراما المحلية الهادفة في قضايا المجتمع، طالما انتج "الغالبون" بمليوني دولار، يجيب: مرحلة اجتياح العدو الاسرائيلي القاسية واللئيمة في تاريخ الامة، ومع احترامي لـ300 مليون عربي، انتصرت على أخطر عدو كان لا بدّ من أن تؤرخ. ولا شك في ان هنالك أولويات. ولكن هل استوقف أحمد الزين أي عمل محلي أخيراً؟ تجده يعترف انه ظلم الكثير من زملائه بسبب عدم متابعته الأعمال المحلية لضيق الوقت، من هنا تكلم في العموميات. ورفض كشف أسماء الاعمال المحلية التي عرضت عليه أخيراً، واعتذر عنها، لأنه ببساطة لا يحب التجريح. وتأتي اجابته حول ما نراه اليوم من انتهاج عدد من الاسماء الفنية سياسة التجريح بزملائهم في اطلالاتهم الاعلامية، ليقول: هذا الامر يتعلق بتربية الانسان، فأنا إبن البلد ولست إبن زاروب أو شارع. ويؤكد ان هنالك الكثير من الاسماء الفنية التي يعتبرها من "أبناء البلد" وتعيش القهر أكثر منه. لكن ماذا عن دور النقابات في إيجاد الحلول لإبعاد القهر عن الفنانين، وهنالك حالات كثيرة مثل ما عانته وداد جبور وكمال الحلو... واليوم وداد جبور التي كانت مريضة وعاتبت لأن أحداً لم يسأل عنها؟ يجيب: لا يوجد أي من اصدقاء لي عانى المرض الا وسألت عنه، وهذا موضوع لا أتاجر به اعلامياً. واليوم في لبنان نقابتان: الاولى "نقابة الفنانين المحترفين"، والثانية" نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان"، وكل ما في لبنان متشرذم في لبنان حتى الفن. وأقول للنقابتين: وحدوا الله واتقوه وتوحدوا في نقابة واحدة وقوموا بانتخابات حرة ونزيهة.

أحمد الزين الصرح الفني اللبناني وصاحب المواقف الراسخة الذي لا يمكن الا وأن ترفع له القبعة احتراما أولا، سواء أكنت توافقه الكلام أو تعارضه، وثانياً لأنه من بين قلة من "النجوم" التي تحترم محاوريها، يعيش اليوم فترة نقاهة طبية وعلاج فيزيائي نتيجة إصابته بتمزق في أوتار كتفه اليمنى بسبب الجهد الذي بذله خلال تصويره الفيلم السينمائي "خلّة وردة" الذي اخرجه عادل سرحان، وسيجد طريقه الى شاشات السينما في الشهر الفضيل، ويتناول قصة قرية جنوبية سمِّيت تيمناً باسم وردة السيدة التي استصلحت هذه الأرض زراعياً، لكنها اشتهرت بعد حرب تموز 2006 في لبنان لأن فيها أُسر الجنديان الإسرائيليان ما أدى إلى نشوب الحرب بين لبنان وإسرائيل... كذلك يقرأ الزين عدة أعمال لاختيار الافضل. لكن هل في جعبته سيناريوعمل لبناني سيعيده الى شاشات وطنه؟ يختم: يكتب الاعلامي باسم حكيم سيناريو جيداً وأتمنى أن أعود من خلاله بعد انتهاء القصة وقراءتها.