2012/07/04
فؤاد مسعد - الثورة
يُعتبر مسلسل (سوق الورق) باكورة إنتاجات المؤسسة العامة للإنتاج الدرامي والإذاعي وهو من إخراج أحمد إبراهيم أحمد وتأليف وحوار آراء الجرماني ، وبطولة عدد من الفنانين ، منهم : سلوم حداد ، مرح جبر ، باسل خياط ، نضال نجم ، مكسيم خليل ، عبد الهادي الصباغ ، عبد الحكيم قطيفان ، محمد حداقي ،شادي زيدان ، هناء نصور ، نجلاء الخمري ، ميسون أسعد .. ويؤكد المخرج أن العمل استقطب عدداً كبيراً من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية وقد أسندت إليهم أدواراً رئيسية خاصة بصفة (طلاب في الجامعة) .
يقتحم المسلسل عالم طلاب الجامعة ويتناول مشكلاتهم وهمومهم وآمالهم وتعاملهم مع الانترنيت والفيسبوك كما يسلط الضوء على جوانب الفساد في الجامعة .. حول الجديد المُقدم في (سوق الورق) وأهم محاوره ومدى خصوصيته كان لنا هذا اللقاء مع المخرج أحمد إبراهيم أحمد :
يتناول العمل الفساد في الجامعة .. ألا تخشى انتقادات قد تقول أنكم بذلك تسيئون لها ؟ وكيف أظهرت الشخصيات بين (أخيار وأشرار) ؟
يتناول المسلسل موضوع الفساد الإداري الذي قد ينطبق على الكثير من المؤسسات وليس فقط على حقل الجامعة ، كما أننا نقدم أشخاصاً فاسدين وآخرين جيدين فالفاسدون لا يبقون في مناصبهم ويتم إقصاؤهم خاصة أن العقلية عندنا هي عقلية إصلاحية فهناك أشخاص يحبون البلد ويريدون الحفاظ عليها وعلى القيم الاجتماعية والأخلاقية ، وأهمها حقل التعليم .
وفي (سوق الورق) هناك أساتذة جامعة يحاربون بعض الأساتذة الفاسدين والمرتشين ، ولا نقصد بالعمل أحداً و لا نخص اسما معينا ، لا بل لدينا مناصب وهمية غير موجودة على أرض الواقع كي لا نسيء لأشخاص في مناصبهم ومراكزهم ، ونقدم من خلال العمل حكاية لمتعة المشاهد الغرض منها إصلاحي وليس التشهير بالشخصيات الافتراضية الموجودة .
عديدة هي المسلسلات التي باتت تنسج نجاحها عبر التركيز على الجانب المظلم من الحياة متجاهلة حقيقية وجود اللون الأبيض .. فهل سيحقق المسلسل التوازن بين اللونين أم أن الكفة سترجح نحو أحدهما ؟
أنا لست مع فكرة التركيز على الجانب المظلم فقط ، فلدينا الكثير من الأمور الإيجابية ولكن مهمة الإعلام ألا يظهر الإيجابي فقط وإنما أن يلقي الضوء تجاه الخلل الفعلي وبؤر الفساد لبترها ، فالخصلة الجيدة الإيجابية أعرضها ولكن لا أسلط الضوء عليها كما أفعل مع الفساد ، لذلك تجد أن الأعمال في الآونة الأخيرة تعرض كماً أكبر من السواد . وقد يكون ذلك نوع من التقصير ، فعلينا إظهار الجانب الإيجابي بشكل كبير ولكنه قد يفتقر إلى الصراع الدرامي وبالتالي لن يكون له ضرورة على الصعيد الدرامي .
(فساد ، شباب ، رشوة ، جرأة ، انترنيت ..) محاور مشتركة بين مجموعة من الأعمال .. فما الجديد ؟
ننطلق من نقطة معينة وهي الزمن ، فالزمن كان له قيمة سابقاً لكنه فقدها الآن ، فزمن الحداثة والتكنولوجيا ألغى قيمة الزمن وبات هناك تسارع كبير جداً ، فأثرت التكنولوجيا سلباً على قيمة الحدث ، فعلى سبيل المثال إن أردت معرفة معلومة معينة فيما مضى كنت تحتاج إلى وقت حتى تصل إليها أما اليوم فتحصل عليها خلال دقائق عن طريق الانترنيت والفيسبوك والمحطات الفضائية . وهذا كله يؤثر على الإنسان كقيمة فكرية وبشرية ، لقد فقد الزمن قيمته وأظهرت هذا الأمر على المستوى البصري في العمل .
ونتناول في العمل معالجة موضوع الفساد من خلال الفيسبوك الذي يستخدمه الأخيار لفضح الفساد ، أما المفسدون فيستخدمونه لتشويه الحقائق ، وهذا ما تفعله اليوم الجزيرة والعربية وغيرهما من القنوات التي توصل معلومة خاطئة للمشاهد وتضلله .
يطرح العمل خمسة محاور رئيسية .. ولكن ألا يضيع الجواب إن ازدحم السؤال ؟
هذا ما قصدته من خلال إجابتي السابقة ، فاليوم ليس هناك وقت لسؤال واحد ، وإنما ينبغي تقديم جرعة كبيرة وتجعل المشاهد مشدوداً كي لا ينفض عنك وينتقل إلى محطة أخرى ، وبالتالي عليك إيجاد وسائل أخرى تخاطبه فيها بطريقة تحافظ فيها على القيمة الفكرية الموجودة في العمل ، ولكن عليك أن تقدم طريقة في الإبهار البصري لتجذبه ، ولكن هل يضيع المشاهد إن كثرت المحاور ؟.. أرى أنه مهما وضعت له أسئلة سيبقى هناك ما هو ناقص . ففيما مضى كان المشاهد ينشد للعمل إن ضم محورا أو أثنين ، ولكن كثرة الأعمال فرضت سباقاً في طرح المشكلات وغزارتها ، فبقدر ما تطرح أفكاراً مشوقة بقدر ما يتابعك الناس . ولكن في النتيجة هذا يؤدي إلى سلبية تتمثل في إفقار القيمة للأمور التي تطرحها، فكلما قللت الطرح كلما أضأت عليه أكثر ، ولكن اليوم تضطر لطرح كمية كبيرة من الأسئلة ولا تستطيع أن تضيء عليها بشكل مباشر وهذا سببه التكنولوجيا .
إلى أي مدى وقعتم في هذا الفخ ؟
لم نقع فيه وإنما كنا واعين له ، فحاولنا إعطاء كل حالة حقها ، ومنحنا الأسئلة الهامة حيزاً أكبر ، وفي النهاية فإننا نقدم وجهة نظرنا من خلال ما نطرح .
بعد (لعنة الطين) نتوقع منك عملاً يصعد درجة في سلم الجرأة .. فهل (سوق الورق) يحقق هذا التوقع ؟
أظن أننا صعدنا خطوة ولكن ليس بالمنحى السياسي وإنما بالمنحى الإداري ، فهنا يوجد جرأة أكبر في طرح الفساد الإداري ، ولكن (لعنة الطين) تناول الجانب السياسي الأمر الذي رفع السقف وبالتالي مهما قدمنا فلن نصل إليه لأن السقوف الأخرى كلها تحت السقف السياسي .
وسط الظروف التي تعيشها سورية اليوم أين يتجلى دور الفنان والمبدع ؟
دوره مثل دور أي مقاتل على الجبهة أو دور أي طبيب يعالج الجرحى ، فلكل منا دوره في الحياة ، والفنان عليه تسليط الضوء على البؤر الفاسدة لنتجاوزها ، وعليه العمل أي أن يكون إنساناً مُنتجاً ، فالظروف التي مرت بها سورية القصد منها كان خلق الفوضى وأن يجلس الناس في منازلهم ، ومهمتنا ونضالنا يكمن في أن نعمل أكثر فأكثر . فخلال الأزمة التي مرت لم نوقف التصوير حتى في أيام (الجمعة) . وهذا نوع من أنواع النضال ومحاربة هؤلاء الذين يعبثون بأمنا وحياتنا ويبثون الفوضى ، نحن نصور المسلسل يوم الجمعة لنقول إننا نريد أن نعيش وأن نقاوم ، وهذا نوع من أنواع النضال والمقاومة للفنان في أن يعمل دائماً