2012/07/04
أمينة عباس - البعث
لم يعد المسرح بعرف الكثيرين أباً للفنون، وإن كان مازال يحمل هذا اللقب، بعد تفرّق من كانوا يقفون على خشبته، فبعض من كان يعمل في بلاطه أطفأ الأنوار فيه وأسدل الستار معلناً هجره وعدم العودة إليه لأسباب متعددة، وبفعل الحنين ولجني المتعة التي لا يحققها سواه قد يلجأ إليه البعض الآخر بين فترة وأخرى، وقد باتت العودة إليه بشكل دائم ضرباً من المحال برأي الكثيرين.
منى واصف
تخليت عنه مبكراً
فالفنانة منى واصف التي بدأت مشوارها الفني ممثلة في المسرح القومي بدمشق في بداية الستينيات، تصرّح دائماً أن الفضل يعود إلى المسرح في كل ما حققته، وتؤكد أن أهم شيء أعطاه إياها المسرح هو ذاك الألق النبيل الذي تشعر به ويشعر به كل ممثل مسرحي وهو يقف على خشبة المسرح التي تمنح الممثل اختلافاً عن الآخرين، ورغم ذلك تعترف أنها تخلت عن المسرح مبكراً، وتشير إلى أن هذا القرار لم يكن وليد صدفة، بل جاء مدروساً مئة بالمئة، وتوضح أنه وبعد إعادة عرض مسرحية “حرم سعادة الوزير” في عام 1990، كان لا بد من إجراء بروفات جديدة من أجل العرض، وقد تأخر الممثلون المشاركون كثيراً فسألتْهم عن أسباب هذا التأخير فأجاب أحدهم: “قد تستطيعين العيش دون العمل في التلفزيون لمدة سنتين دون أن تجوعي، أما نحن فلا نستطيع”.. وبهذا الجواب شعرت واصف أن الحق معه، ولكنها في الوقت ذاته شعرت أن الحق معها أيضاً، وبالتالي هي تبرر لأولئك الفنانين عملهم في التلفزيون الذي غالباً ما يكون على حساب العمل في المسرح، مشيرة إلى عبء الحياة الكبير الذي يجعلهم مضطرين لذلك، ورغم كل الظروف الصعبة التي يعاني منها المسرح العربي، إلا أنها ترفض أن تقر أن هذا الزمن ليس زمن المسرح، والدليل –برأيها- أن المسرح لم يتوارَ لا في بريطانيا ولا في فرنسا ولا في ألمانيا، وتبقى واصف متفائلة بوضع المسرح بعكس أغلب الفنانين، مؤكدة أن البعض لا ينظر إلى التجارب التي يقدمها الفنانون الجدد بعين الرضا، في حين أنها تحترم أي جهد يُقدَّم ولا تراه جهداً عبثياً، لأنها مؤمنة بأن كل حقبة زمنية ستفرز فنانيها وتجاربها، وبالتالي فهي لا تستطيع أن تنكر ما يقدَّم في هذا المجال، وتدعو الجميع لتشجيع هذه التجارب والشد على يدها لتسير في الطريق الصحيح، ولا تنكر دور التلفزيون في تراجع حضور المسرح في البلاد العربية، إلا أنها تؤكد على أنه غير قادر على إلغائه.
جيانا عيد
اصرار
أما الفنانة جيانا عيد المصرّة على التواجد شبه الدائم في المسرح، وعلى خشبته، تكاد تشكل حالة استثنائية لأنها أيضاً تكاد لا تغيب عن حضور أي مهرجان للمسرح، وتبيّن أن وجودها أو وجود أي فنان في المهرجانات المسرحية ما هو إلا عنصر من عناصر دعم هذه الرؤى وهؤلاء الشباب المبدعين القادرين على تحريك الواقع الراكد بمشاريعهم وطموحاتهم، إضافة إلى أن وجودها معهم يجددها ويطورها، وبالتالي فإن علاقتها بهم قائمة على التأثير والتأثر وتجد في هذه المهرجانات جدوى كبيرة لأنها تشكل حراكاً إبداعياً واجتماعياً كاملاً في المحافظة التي تقام فيها، وهي تخلق جدلاً وحواراً مع الجمهور والعاملين في المسرح، وتأسف عيد لأن العديد من هؤلاء المعنيين بالمسرح والعاملين فيه من الشباب مازالوا مهمّشين على الرغم من أنهم أصحاب رؤى حقيقية، ولكن تنقصهم الإمكانيات المادية.
وتبدو عيد متفائلة بعكس معظم الفنانين الذين انسحبوا من المسرح، وترى أن مسرحنا مليء بالطاقات والمبدعين، وعروضه تعبِّر عن روح المجتمع والعصر، لكنه فقير على صعيد التقنيات، والمسرحيون فيه يناضلون وهذا أصبح لا يكفي في هذا الزمن، لذلك فالمطلوب برأيها دعمه مادياً ومعنوياً لتقديم عروض تعبِّر عن خصوصيتنا في ظل المعارك العديدة التي تواجهنا.
تيسير إدريس
لاحاجة للتنظير
في حين يبين الفنان تيسير إدريس وهو الذي نادراً ما يغيب عن خشبة المسرح، وإن غاب ولفترة قصيرة، فالسبب يعود للأجور الشحيحة التي تعرض عليه فأي فنان أصبح غير قادر على التفرغ للمسرح في ظل انشغاله بالتليفزيون، وهذا برأيه تصرف طبيعي لأن الفنان إنسان له احتياجاته ومتطلباته المادية التي لا يوفرها المسرح، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الفنان المحب للمسرح يقبل العمل فيه مقابل أجر طبيعي ومقبول، إلا أن ذلك غير موجود حتى الآن، وهنا يبيّن أن عودته الأخيرة إلى المسرح كانت بعرض للأطفال لتكون تجربته الثانية بعد عشرين عاماً عن أول عمل مسرحي قدمَه للأطفال وسببها الوحيد حبه الكبير للأطفال وإن كان يعترف أننا لا نملك مسرحاً حقيقياً له، ويأسف لأن مفهوم المسرح كلعبة لا يوجد من يفهمه ويستغرب إدريس من قسم كبير من نجومنا الذين ينظّرون في المسرح وأهميته ويعبّرون عن رغبتهم الحقيقية في أن يكونوا على خشبته، ومع هذا لا نراهم ويؤكد أن مَن ينظِّر في المسرح من نجومنا يكذبون على أنفسهم، أولاً لأن المسرح ليس بحاجة للتنظير بل لمن يعمل فيه، كما يعتقد أن عدداً كبيراً منهم يخاف المسرح لأنه الاختبار الحقيقي لإمكانياتهم التي هي في معظمها متواضعة، حتى وإن كانوا نجوماً في عالم التلفزيون، فقسم كبير منهم برأيه لا يريد إتعاب نفسه بالعمل في المسرح، لذلك يفضّلون التنظير لأنه الأسهل، ولأن الفن بالنسبة لعدد كبير منهم لم يعد مشروعاً فنياً بل تحول إلى مورد رزق.
ضحى الدبس
سأعود بعمل مونودرامي
أما الفنانة ضحى الدبس ورغم مشاركاتها المسرحية الهامة سابقاً إلا أنها غائبة منذ سنوات عن المسرح الذي عشقته وقلب حياتها رأساً على عقب، ولم يحتوِها لدرجة كرهت معها عشقها له في ظل عدم وجود مخرجين مهتمين به وهي التي شعرت في فترة من الفترات التي كانت تعمل فيها في المسرح أن المسرحيين إن لم يتوقفوا عن تقديم أعمال مسرحية فسيعتلي الجمهور الخشبة ليمنعهم بالقوة لأنهم لا يقدمون له شيئاً متميزاً، لذلك ابتعدت في الوقت المناسب بعد أن عمّ الخواء منذ سنوات باستثناء بعض التجارب الجميلة التي يقدمها الشباب بين فترة وأخرى، لذلك تبيّن أنها لن تعود إلى المسرح، وإن عادت فلن يكون ذلك إلا عبر عمل ينتمي للمونودراما، وهي اليوم بصدد التحضير لمثل هذا العمل من خلال نص قيد الكتابة عبارة عن لحظة بوح منها على الخشبة للجمهور، وما ستقدمه يشبهها كثيراً.
سلافة معمار
لا أصر على التواجد
سلافة المعمار التي تطلّ بين فترة وأخرى من خلال المسرح سُجلت لها مشاركات في أعمال مسرحية هامة كـ “كسور” و“فوضى” و”صدى” و“عربة اسمها الرغبة” فهي وإن كانت إطلالاتها قليلة إلا أنها على الأقل ليست غائبة عنه تماماً باعتبار أنه يحقق لها متعة لا يمكن وصفها، وهو كما تؤكد، ضروري لشحذ طاقاتها التمثيلية وتنشيط أدواتها، لذلك تبدو حريصة على ألا تطل من خلاله إلا عبر تجربة تجد نفسها فيها، وهذا برأيها ليس من السهل تحقيقه، خاصة في ظروفنا المسرحية الحالية وفي ظل عدم وجود تقاليد وأصول للمهنة وغياب الفرق الخاصة والمحتَرَفات، لذلك وفي ظل عدم وجود مسرح وإنما محاولات وتجارب مسرحية يقدمها البعض بين فترة وأخرى لا تصر على التواجد من أجل التواجد فقط.
سحر فوزي
الحاجة لولادة جديدة
أما الفنانة سحر فوزي التي كانت لها تجربة في تأسيس تجمّع مسرحي تحت مسمى “المسرح الفقير” في فترة التسعينيات فتبيّن أن الهدف منه كان تقديم مسرح جاد بسوية فنية عالية وبطرح مبسّط، بعيداً عن المسرح التجاري والمسرح التجريبي الذي يحضره الجمهور فلا يفقه شيئاً، وقد تناولت فيه قضايا مهمة عبر أعمال ترضي كل الأذواق والسوية الفكرية لجميع شرائح الجمهور، وتشير إلى أن التجربة لم تستمر لعدم وجود دعم من أية جهة، حيث كانت تصرف على الأعمال المسرحية من عملها في التلفزيون، فكان من الصعب الاستمرار بهكذا وضع، خاصة وقد فتحت أبواب المسارح آنذاك مجاناً أحياناً لجمهور متعطش للمسرح، أما اليوم فتعتقد أن المسرح السوري يحتاج فعلاً لولادة جديدة يجب أن تتجلى برأيها من خلال رفع ميزانية الأعمال ليستطيع المخرج أن يختار ممثليه بحرية كاملة بعد أن ابتعدوا عنه نتيجة الأجور الضئيلة التي تُمنَح لهم كما تؤكد أنها قد تعود للمسرح في لحظة ما، خاصة وأنه لم يعد عندها شرط مادي للعودة إليه وإنما حاجتها لممارسة متعتها بالظهور على خشبته، وكل ما تحتاجه لفعل ذلك نص جيد وتوفر إمكانيات تخدم العمل بالشكل الأمثل .
ليلى عوض
قلة وفاء
وحينما وجدت الفنانة ليلى عوض أنه من قلة الوفاء الابتعاد عن المسرح وعدم تقديم ما هو مميز، تفكر اليوم بعمل مسرحي مميز تنوي تقديمه لجذب الجمهور، ومن خلال هذا العمل ستحاول تسليط الضوء على تاريخ نشوء المسرح، وهو عمل يقوم على عدة مسرحيات عربية ومترجمة ومن الكتّاب الذين استعانت بأعمالهم ممدوح عدوان وسعد الله ونوس وسيكون العمل من إخراجها لتبقى المعضلة الكبرى بالنسبة لها هي البحث عن مموّل له، في الوقت الذي يبدو فيه ذلك مستحيلاً، من هنا تتمنى على المعنيين الاهتمام بهذا الموضوع لأن العمل كبير وفيه مجاميع كثيرة، وعن التجارب المسرحية التي تُقدَّم اليوم تبيّن أنها تجارب يُشكَر أصحابها عليها كثيراً، وهناك محاولات كثيرة جيدة، وربما كان المطب الأكبر الذي يقع فيه عدد من المخرجين برأيها هو تقديمهم لنصوص قديمة وكلاسيكية كما هي، وهذا أمر خاطئ لأنه مع مرور الزمن سيحتاج أي نص إلى تحديث، ويتم ذلك من خلال الإعداد الجديد له أو من خلال إضافة مشاهد جديدة عليه، وبدون ذلك فإن هذه الأعمال غالباً ما ينفر المشاهد منها لأنه لا يرى نفسه فيها، لذلك فمن الضروري –حسب عوض- أن نقدم للجمهور أعمالاً تعكس همومه ومشاكله، مع الإشارة إلى أن بعض التجارب قد فطنت لذلك لأن الكلام والصورة والحلول الإخراجية أصبحت مختلفة اليوم، ومن المهم جداً أن من سيقارب هذه النصوص عليه تطويعها لتكون قريبة من الجمهور.
وضاح حلوم
ليس فيه ما يغري
يؤكد الفنان وضاح حلوم رغبته القوية والدائمة في العمل بالمسرح وهو الغائب عنه منذ سنوات بسبب عدم وجود ما يغري على صعيد العروض وهو يتمنى أن يأتي العرض الذي يحرّضه على الموافقة، مشيراً في الوقت ذاته إلى الظروف الصعبة التي يمر بها المسرح السوري خصوصاً والعربي عموماً.
عبد الفتاح المزين
انسحبت بعد أن..
وبعد مسيرة مسرحية غنية انسحب الفنان عبد الفتاح المزين تدريجياً من عالم المسرح، ويبيّن أنه وبعد أن كان يشارك في خمسة أعمال مسرحية ضمن الموسم الواحد بدأ تدريجياً بالانسحاب حين بدأ المسرح كما السينما يبتعد عن حياة الناس وهمومهم، ويأسف لما حصل بعد عودة مخرجيه من الخارج وهم الذين عادوا ليقدموا للناس غوغول وما شابهه.
لينا دياب
لن أهجره
وتذكرالفنانة لينا دياب، الذي كان المسرح الحضن الأول لأحلامها، أنها وبعد تخرّجها مباشرة بدأت بالتحضير وبشكل شخصي لتقديم عمل مسرحي بالتعاون مع بعض الزملاء، إلا أن العمل لم يرَ النور بسبب انشغالها بالأعمال التلفزيونية الأولى التي عُرِضت عليها ومع هذا تؤكد أن متعتها الحقيقية لا تتحقق إلا في لحظات البروفات المسرحية والوقوف على خشبة المسرح، الذي تؤكد أنها لن تهجره ولن تتردد في الوقوف على خشبته في الوقت المناسب لتحقيق متعتها الخاصة ولا شروط لديها للعمل فيه لأن من يذق طعم المسرح لا يمكنه هجرانه.
علا باشا
قلة الإنتاج المسرحي
أما الفنانة الشابة علا باشا فترفض إطلاق أحكام عامة أو مطلقة من أن طلاب المعهد يدخلونه عادة ليس حباً بالمسرح وإنما رغبة في دخول عالم التلفزيون، فلكل طالب هدف معيّن يسعى إليه، ولا يمكن أن تنفي أن أحد هذه الأهداف قد يكون المسرح، إلا أن ما يحدث هو أن الطالب يصطدم بعد التخرّج بقلّة الإنتاج المسرحي الذي لا يتيح له التواجد في معظم الأعمال المسرحية، والكثير من الخريجين يصاب بالقلق بعد التخرج، فالرغبة بالتمثيل والطاقة الكامنة عند الخريجين الجدد عادة ما تصطدم بواقع هذا الانتظار، وبالنسبة لها فهي لم تنقطع عن خشبة المسرح المكان الذي تعشق.
سوسن ميخائيل
لا يُطعم خبزاً
وتشير الفنانة سوسن ميخائيل وهي التي تعددت أدوارها المسرحية حيث بدأت مع دريد لحام في مسرحية “العصفورة السعيدة” و”صانع المطر” ومن ثم عملت مع الدكتور عجاج سليم في مسرحية “نور العيون”، إلا أن عروضاً كثيرة عُرضت عليها بعد هذه المسرحية، لكن ولظروف عملها التلفزيوني لم تستطع المتابعة في المسرح الذي لا يطعم خبزاً.
هبة نور
ليس هاجساً
في حين لا يبدو المسرح حتى الآن من أولويات الفنانة هبة نور التي تؤكد وبكل صراحة أنه ليس هاجساً بالنسبة لها وإن كانت تتمنى أن تعيش حالة المسرح من خلال تجربة متميزة.