2012/07/04
تشرين
يعدُّ المسلسل المكسيكي المُعرب «روبي»، الذي تمتد حلقاته إلى التسعين، والذي (تعرضه قناة «إم بي سي4» وقنوات أخرى)، أول عمل مقتبس عن مسلسل مكسيكي يحمل العنوان ذاته (أُنتج عام 2004م)،
وبثته بعض القنوات العربية في صيغة مدبلجة عربياً؛ ويعدّ نقلة نوعية في الدراما المعاصرة لكونه يُمثل خطوة رائدة في المحتوى الترفيهي الدرامي، سواء من ناحية الشكل أو المضمون.
وقد استطاعت قناة «إم.بي.سي4» جذب نسبة عالية لها من المشاهدين من خلال إنتاجها هذا المسلسل، الذي أدخل الدراما العربية في منافسة قوية مع الدراما التركية والمكسيكية، والذي من شأنه أن يقود الدراما العربية نحو موضة المسلسلات التلفزيونية الطويلة، لمواجهة اجتياح دراما الأعمال المدبلجة.
يروي المسلسل قصة فتاة فقيرة تعيش مع والدتها وشقيقتها وتحلم بالثراء فتحاول الوصول إليه بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة، وهو يحاكي العلاقات الإنسانية من طمع وجشع وحب وكراهية وإخلاص وحزن. وقد استطاع العمل أن يكون مثار جدل العديد من النقاد والمشاهدين، الذين أحبوا الشخصيات والحوارات والأداء ووجدوا أن الممثلين يتكلمون لغتهم نفسها، وتعرَّفوا على شوارع لبنان وعلى ما في بيوته من قصص، الكثير من تفاصيلها موجودة في كل بيت عربي. ولقد لعبت قوة الإنتاج دوراً مهماً في نجاح العمل حيث جمع ممثلين من جنسيات ولهجات عربية مختلفة (سورية ولبنانية ومصرية)، ما أضفى على العمل كثيراً من الغنى والتشويق.
سيمفونية درامية عربية .. «مكانياً»
يحسب للكاتبة اللبنانية كلوديا مارشليان، أنها لم تكتف بتعريب نسخته الأصلية، لعلمها بأنها لا تنسجم وخصوصية المجتمع العربي، فعملت على إعادة كتابة المسلسل باللهجتين (اللبنانية والمصرية)، كذلك عملت على تطعيم العمل بإسقاطات تتناسب والواقع اللبناني والمصري، حيث تدور وقائع المسلسل بين مصر ولبنان الذي استأثر بمعظم الشخصيات والأحداث، عبر رؤية إخراجية جديدة تولاها المخرج رامي حنّا، نجح من خلالها في ترسيخ المسلسل عربياً، زمنياً ومكانياً، فبدا المكان المكسيكي السابق، مكاناً عربياً بامتياز، وكذلك الزمن الذي هو زمن السرد وزمن الشخصيات في آن.
ولعل من أهم أسباب نجاح العمل أن الكاتبة تمكنت بحرفية عالية من أن تجعل تفاصيل القصة مستوحاة من مجتمعنا العربي، ورغم التزامها بالبنية الأصلية للمسلسل المكسيكي، فإنها أعادت حبكها، حاذفة الكثير من الأحداث والشخصيات ومضيفة الكثير منها، ولاسيّما تلك المرتبطة بالواقع العربي. ورغم كون بيئة العمل بشكل عام أقرب إلى البيئة اللبنانية، فقد تمَّ إيجاد خليط رائع من المُمثلين المصريين والسوريين إلى جانب الأغلبية اللبنانية، ذلك أن أحد أهداف شركة الإنتاج هو تقديم أعمال تُناسب أذواق المشاهد العربي في كل مكانٍ وزمان، من المحيط إلى الخليج.
كذلك غاب عن المسلسل بنسخته العربية، ما يعاب على الأعمال المدبلجة عموماً من مطمطة وتطويل وبطء في سير الأحداث، ومفارقات هزيلة، مكرّرة تهيمن على المسلسلات المدبلجة عموماً.
غير أن الحديث عن نجاحات المسلسل عليه ألا ينسينا أنه مهما بلغ أي عمل من النجاح والانتشار، تظل هناك بعض الثغرات التي تعتريه، من ذلك ما عدّه البعض جرأة زائدة في طرح الموضوع وطريقة المعالجة لبعض التفاصيل، التي لم يعتد المشاهد العربي مشاهدتها عبر الشاشة الصغيرة.
سيرين عبد النور .. تخسر الرهان
أما فيما يتعلق ببطلة المسلسل «روبي»، فهي الشخصية المحورية التي ترتبط بها معظم الشخصيات، ومن حولها تلتف الأحداث. ويرى النقاد أن الممثلة سيرين عبد النور «لم تكن كممثلة في مستوى الشخصية التي يتطلب أداؤها الكثير من الرهافة والفطنة والإلمام بالتقنيات التمثيلية ... وأنها أخفقت في منح هذه الشخصية حقّها، بل أوقعتها في السذاجة و«البراءة» التامّة، فلم تلتقط خيوطها الداخلية ولا مشاعرها المتناقضة، ولم تتمكّن من تجسيد المفهوم «القدري» الذي تملكه الشخصية الأصل، كامرأة تغوي، وتعيش حالة من الانفصام النفسي، بين ماضٍ مملوء بالقهر والبؤس ومستقبل تطمح إليه لتحقق حلمها بالثراء منتقمة من ماضيها الذي غاب عنه الأب... وبهذا تكون سيرين قد فقدت فرصة مهمة، قد لا تسنح لها ثانية». وعلى العكس من سيرين تميّزت الممثلة تقلا شمعون، التي لعبت دور الأم، في تجسيدها وأدائها، ببراعة وعفوية، بمتانة وبساطة، وقد نمّ أداؤها عن ممثلة تملك أسرار مهنتها، وتلم عميقاً بمعنى التمثيل وعيش الشخصية لحظة تلو لحظة.
كذلك أتقن الممثل المصري أمير كرارة أداء دور العاشق الضائع (تامر).
وبموضوعية يمكن القول: إن كل الممثلين في المسلسل كان النجاح حليفهم، بدءاً من الممثلة اللبنانية مارينال سركيس، والممثل المصري زكي عبد الوهاب، والنجم عزّت أبو عوف، وغيرهم من نجوم الدراما اللبنانية والمصرية.