2012/07/04
محمد أمين – الوطن السورية
تعاون الفنانين والمبدعين العرب في مجال الإنتاج الدرامي ليس طارئاً على المشهد الدرامي العربي فجذوره تمتد إلى ستينيات القرن الماضي حيث ظهرت العديد من الأفلام السينمائية- وإن كانت لا تحمل قيمة فنية عالية- التي لعب بطولتها فنانون سوريون ولبنانيون ومصريون وفي الثمانينيات تقلص حجم التعاون إلى حد ما وكان الأمر يقتصر على ظهور هنا، أو ظهور هناك ولكن فتيل هذا التعاون اشتعل من جديد من خلال الفيلم الشهير (ناجي العلي) الذي كان فيلماً سينمائياً عربياً بامتياز وربما ساهم هذا الأمر في تعميق قيمته السينمائية والفكرية ومنحه بعداً قومياً نابعاً بالأساس من طبيعة الموضوع الذي تناوله.
ومع بدايات نهوض الدراما التلفزيونية السورية في عقد التسعينيات من القرن الماضي حاولت شركات الإنتاج- وقد نجحت إلى حد بعيد- توسيع دائرة الدراما السورية ورفدها بالمواهب العربية على صعيد التأليف والإخراج والتمثيل وحتى على صعد فنية أخرى وخاصة أن الأعمال التاريخية التي تميزت بها تعد مجالاً رحباً لهذا التعاون وقد كان المخرج التونسي شوقي الماجري أول الواصلين إلى الشرق العربي حيث أسند إليه الفنان أيمن زيدان إخراج عدد من الأعمال الدرامية السورية بدءاً من الجزء الثاني من مسلسل (إخوة التراب) ومروراً بمسلسل (تاج من شوك) ومسلسل (عمر الخيام) ومنذ ذلك الحين لم يغادر الماجري الملعب الدرامي السوري وأصبح من مخرجي الصف الأول في الدراما السورية وقدم على مدى السنوات الفائتة عدداً من المسلسلات المتميزة كما شارك مواطنه فتحي الهداوي في أكثر من عمل سوري تاريخي منها (هولاكو) للمخرج باسل الخطيب ويعتبر الفنان المغربي محمد مفتاح من أوائل الفنانين المغاربة الذين تركوا بصمة مميزة في الأعمال الدرامية التاريخية السورية حيث استعان به المخرج حاتم علي في عدد من أعماله وكانت البداية بمسلسل (الفصول الأربعة) حيث أدى شخصية مغربية ثم تتالت الأعمال بدءاً من مسلسل (صلاح الدين) و(صقر قريش) وصولاً إلى مسلسل (صراع على الرمال) كما أصبحت الدراما السورية موئلاً للفنانين اللبنانيين والأردنيين والخليجيين وقد حقق عدد منهم نجومية عالية وحضوراً مميزاً على مستوى العالم العربي من خلال أعمالها أمثال أحمد الزين، بيير داغر، ورد الخال، رفيق علي أحمد، محمود سعيد، عمار شلق، عبد المحسن النمر، منذر الرياحنة، فرح بسيسو، صبا مبارك، دارين حمزة وسواهم. وفي موسم 2011 الدرامي هناك العديد من الأعمال السورية التي يعتبر الفنانون العرب أحد أركانها حيث أشرك المخرج حاتم علي عدداً منهم في مسلسله التاريخي (الفاروق) الذي يعتبر عملاً عربياً بامتياز فالكاتب أردني (وليد سيف) والمنتج محطتان خليجيتان والتصوير في سورية والمغرب، وكذلك الحال مع العمل التاريخي البدوي (توق) للمخرج شوقي الماجري والكاتب عدنان عودة والمأخوذ من رواية سعودية هي للشاعر بدر بن عبد المحسن والأبطال من سورية ومن بلدان عربية حيث يشارك فيه غسان مسعود، سلافة معمار، عبد المحسن النمر، محمود قابيل، محمود سعيد، منذر الرياحنة، وآخرون كما جمع المخرج نجدة أنزور كوكبة من الفنانين السوريين والعرب تحت سقف عمله المنتظر (في حضرة الغياب) واختار المخرج المثنى صبح عدداً من الفنانين العرب ليشاركوا في مسلسله المعاصر (جلسات نسائية) منهم رفيق علي أحمد وأمل بوشوشة وهي فنانة جزائرية لفتت الأنظار إليها في العام الفائت عندما لعبت بطولة مسلسل (ذاكرة الجسد) مع الفنان جمال سليمان. وخلال السنوات القليلة الفائتة ترسخت شراكة بين الفنانين السوريين والعراقيين الذين وجدوا في سورية ملاذاً آمناً ومناخاً إيجابياً للعمل حيث انتقلت أغلب شركات الإنتاج العراقية إلى دمشق وبدأت بإنجاز عشرات المسلسلات ذات الطابع العراقي من حيث المادة والطرح حيث تمت الاستعانة بعدد من المخرجين والفنانين والفنيين السوريين كما اشترك عدد من الفنانين العراقيين المعروفين في الأعمال الدرامية السورية وفي مقدمتهم الممثل المسرحي القدير جواد الشكرجي الذي اشترك في عدد من الأعمال التاريخية السورية. وإذا كان التعاون السوري المصري قد توقف في مجال الدراما في موسم 2011 لأسباب باتت معروفة فإن الأعوام القادمة سوف تشهد تعاوناً أعمق وأوسع وخاصة أن الحضور السوري في الدراما المصرية قد أسهم إلى حد بعيد في إنعاشها وتخليصها من أزمة عصفت بها على مدى سنوات وقد حققت الأعمال المشتركة نجاحاً ومتابعة كبيرة بدءاً من مسلسل (حدائق الشيطان) ومروراً بمسلسل (الملك فاروق) و(صدق وعده) وانتهاء بمسلسل (لحظة حب) كما حقق المخرجون السوريون الذين عملوا في القاهرة حضوراً وتميزاً وقدموا أعمالاً نالت رضى المشاهدين المصريين والعرب بدءاً من باسل الخطيب وحاتم علي ورشا شربتجي ومحمد رجب وسواهم.