2013/05/29
خلدون عليا – تشرين
قبل شهر رمضان المبارك الفائت كنت قد كتبت في صحيفة تشرين مقالا ً عن مشاركة الفنانة الجزائرية آمال بوشوشة في دراما البيئة الشامية
وتساءلنا وقتها: هل هذا الخيار صحيح أم لا ؟ كما ناقشنا في المقال نفسه جملة من المعطيات والوقائع والمشاهدات عن مشاركتيها السابقتين في الدراما السورية في مسلسلي «ذاكرة جسد» للمخرج نجدة أنزور و«جلسات نسائية» للمخرج المثنى صبح وقلنا وقتها: إن مشاركة بوشوشة في دراما البيئة الشامية من خلال أدائها لشخصية «رويدا» في مسلسل «زمن البرغوت» للمخرج أحمد إبراهيم أحمد، لن تكون سهلة ومحوطة بالورود وتمنينا وقتها أن تأتي النتائج عكس ما توقعناه بانتظار ظهور العمل على الشاشة وتقييم أداء بوشوشة، ومع انتهاء عرض العمل بعد انتهاء شهر رمضان المبارك وملاحظة ومشاهدة أداء آمال بوشوشة كان واضحاً بُعد الفنانة الجزائرية كل البعد عن أدوار البيئة والضعف الواضح في أدائها لشخصية الفتاة الشامية فظهرت بصورة غير جيدة إطلاقاً سواء على صعيد اللهجة أو الأداء وطريقة فهم مسار الشخصية, وإن كان العمل برمته قد وقع في مطبات إخراجية كثيرة عدا عن عدم توافق تصريحات صناعه مع ما رأيناه على الشاشة وبالتحديد غياب السند التاريخي للعمل وانتهاجه طريق «الفانتازيا الشامية», «وبالطبع سنكون مع قراءة نقدية للعمل في أعداد قادمة», إلا أن اختيار بوشوشة لم يكن خياراً موفقاً ولو بنسبة ضئيلة فهي لم تستطع إتقان اللهجة الشامية إطلاقاً فظهر التلعثم واضحاً خلال حواراتها كما كان ملاحظاً غياب الإيقاع العام للشخصية عن أداء بوشوشة فبدت تائهة وبعيدة عن مسار العمل, فاللهجة الشامية التي كانت محكية خلال الفترة التي قيل إن العمل يتناولها, لهجة صعبة على عدد لا بأس به من الممثلين السوريين فكيف بـ آمال التي وجدت صعوبات بالغة في أداء اللهجة المحكية, أو اللهجة البيضاء كما يصطلح على تسميتها, ولم يتوقف ضعف ظهور بوشوشة عند اللهجة بل ترافق مع أداء شبه استعراضي في شخصية لا تتحمل هذا النمط من الظهور وقد كان الاستعراض الذي يتحمل مسؤوليته المخرج أيضاً نقطة فشل إضافية في أداء بوشوشة, وربما أيضاً ساهمت محاولة التركيز على اللهجة بالمزيد من تشتت وضياع بوشوشة في أدائها وعدم معرفتها للخطوط العامة لأداء الشخصية الشامية ولاسيما في ظل وجود فنانات متمرسات بهذا النوع من الأعمال قد شاركن آمال في الخط الذي تحضر به في العمل, والذي قد يكون سبباً إضافياً لظهور الشخصية بشكل متواضع, وهنا يمكننا القول وبكل بساطة: إن عدداً كبيراً من الفنانات السوريات كان بإمكانهن تأدية هذه الشخصية بطريقة أفضل من أداء «آمال بوشوشة» .
أما العمل الثاني الذي شاركت فيه فقد كان الجزء الثاني من مسلسل «الولادة من الخاصرة» للكاتب والسيناريست سامر رضوان و المخرجة رشا شربتجي حيث أدت فيه شخصية «مدام جاكلين» وهي سيدة أعمال وإن كانت قد ظهرت كضيفة في الجزء الثاني «ساعات الجمر» فإن هذا الظهور لم يكن موفقاً من ناحية الأداء فبدت تائهة وغير ملمة بأبعاد الشخصية نفسياً وفكرياً وكان ذلك واضحاً من خلال تقاسيم وجهها وطريقة أدائها وردات فعلها على الأحداث التي تجري معها ولاسيما عندما كانت تتلقى الصدمات من «أبو إياد» «عبد الحكيم قطيفان» وهنا كان مطلوباً منها أن تبدي ردة فعل نفسياً وشكلياً ولاسيما أنها تعرضت لمواقف محرجة سواء على صعيد الحوار أو على صعيد إيماءات «أبو إياد» ولكن ما شاهدناه من خلال الأداء لم يدل على ذلك إطلاقاً فبدت ضائعة بين تفاصيل الشخصية نفسياً وبين حضورها الذي يجب أن يكون قوياً ولاسيما أن الكاتب رضوان قد عمد إلى وضع نقلات متتالية في الشخصية من خلال تعريضها للضغط ووجوب انعكاس ذلك على الممثلة, وعلى ما يبدو أن تشاركها في الخط الدرامي مع نجم بحجم باسم ياخور, والذي كان مبدعاً في أدائه, وكذلك مع الفنان عبد الحكيم قطيفان, الذي بدا متمكناً من تحولات الشخصية إلى أبعد الحدود, قد ساهم في زيادة ضياع آمال بوشوشة وعدم قدرتها على مجاراتهما على صعيد الأداء أو التجاوب مع ما يقدمانه من اقتراحات خلال المشاهد التي جمعتهما معاً, وبالطبع كانت اللهجة عاملاً إضافياً لسوء أدائها لشخصية جاكلين, ومع ذلك فإن العامل الايجابي الوحيد ربما في مشاركتها بهذه الشخصية هو توافق الشكل والمظهر العام مع هذا النوع من الشخصيات.
وبكل تأكيد يمكننا القول: يجب على الكاتب رضوان أن يحسب حسابات عدة قبل زيادة مساحة الشخصية في الجزء الثالث لأنه كما سمعنا ستتحول «جاكلين» إلى إحدى الشخصيات الرئيسة في الجزء الثالث إن تم إنجازه.
وأخيراً نؤكد وللمرة الألف: إننا لسنا ضد مشاركة أي فنان في الدراما السورية لكن بشرط أن تكون هذه المشاركة جيدة وتشكل قيمة مضافة للعمل وألا تكون مجرد مشاركات لمجرد المشاركة, وبالطبع نتمنى أن يشهد الموسم المقبل ظهوراً أفضل للفنانة الجزائرية آمال بوشوشة في الدراما السورية.