2012/07/04
شمس الدين العجلاني – الوطن السورية
في ربيع عام ١٩٨٠م نمي إلى آل سعود أن فيلما سينمائيا وشيك العرض من محطة A. T. V البريطانية المستقلة للتلفزة، يتضمن فضائح عائلة سعود، فأسرعت السلطات السعودية وبتكتم شديد في محاولة منها لوأد الفضيحة
لأنه إذا ما قدر لها أن ترى النور فسيكون أثرها شديد الوطأة ووبالا على الأسرة نساء ورجالا!؟ أوفدت الأسرة الحاكمة ممثلين عنها للتفاوض مع الجهة المنتجة للفيلم، مزودة إياهم بكل غال ونفيس، وباءت كل محاولاتهم بالفشل وعرض الفيلم عام 1980 في بريطانيا وأميركا وعدة دول أخرى، وأعيد أيضاً عرضه في الصالات السينمائية العالمية مرة أخرى عام 2005م، وقامت الدنيا في ثنايا آل سعود، واتخذوا إجراءات انتقامية من انكلترا ومن الممثلين والمنتجين.. ومنذ ذلك التاريخ لم يتم إنتاج أي عمل سينمائي على مستوى عالمي يقترب من أسوار آل سعود ومن ظلام قصورهم!
إلى أن جاء المخرج السوري المبدع نجدة أنزور، وقام خلال هذا العام بإنتاج فيلم سينمائي عالمي مستفيداً مما سبق أن قامت به سلطات آل سعود من إجراءات بحق ذاك الفيلم قبل عرضه، لذا قام بعمله السينمائي بسرية تامة، وحين انتهت كل الأعمال والترتيبات لفيلمه أعلنه، فقامت الدنيا عليه ولم تقعد.
الحقائق
ليس من الصعوبة بمكان أن نشم رائحة النفط والبترودولار في أيامنا هذه تفوح على شاشات الفضائيات وصفحات المجلات، لقد استطاع آل سعود وأصحاب المشيخات في ظل البترودولار وأموال النفط المتدفقة على دولهم من بناء إمبراطوريات إعلامية متشعبة الاتجاهات والاختصاصات لتكون أداتهم وسلاحهم فيما يسعون إليه من إرهاب وفساد وحرب يريدونها على الإسلام الحق والعروبة الأصيلة، ولتكون هذه الإمبراطوريات غطاء لهم عما يعيثون به في الأرض من فساد! وهذا ما دفع البعض من أمراء آل سعود إلى التفكير الجدي في إصدار بعض الصحف والمجلات العربية بالخارج بهدف أساسي، وهو الرد عما يتحدثون عنه من فساد وممارسات لا أخلاقية لآل سعود، ومحاولة تجميل صورتهم في الخارج، فكانت (الشركة السعودية للأبحاث والتسويق) وفضائية الجزيرة وفضائية العربية أفضل مثال صارخ على ذلك.
استطاع هؤلاء العربان والغربان أيضاً غزو قطاع كبير من الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة العربية منها والأجنبية، عن طريق شراء الذمم، فكان هؤلاء أصحاب الضمائر النائمة يملكون من خلال وسائل إعلام آل سعود والمشيخات الخليجية حرية شتم الناس بطريقة وألفاظ أبعد ما تكون عن الحوار السياسي والنقاش الثقافي، والدعوة المبطنة تارة والصريحة تارة أخرى للإرهاب والقتل، إضافة لسرعتهم الغريبة في التضامن مع زملائهم في باقي الوسائل الإعلامية من مثقفي إعلام البترودولار.
الحقائق كثيرة.. والأسرار أكثر، ولم يعد هنالك شيء خاف على أحد في أيامنا هذه، فقط المطلوب منا أن نطلع ونقرأ عما يرسمون ويخططون لنا، لنرى (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) فمعين آل سعود لا ينضب، هل السبب الحقيقي في ذلك، هو حياة الثراء الفاحش التي تجعلهم يغرقون في الفساد والسفه الأخلاقي إلى درجة مزرية، أصبحت بمقتضاه سلوكيات هؤلاء القوم موضوعاً ثابتاً في أروقة الصحافة الأوروبية والأميركية أم ربما هنالك أسباب أخرى، ليس هذا مكانها!؟ ما يهمنا هنا هو الحديث عن فيلمين سينمائيين عالميين أنتج الأول عام 1980، والثاني عام 2012، يجسدان فساد وإرهاب آل سعود، الفيلم الأول هو موت أميرة.
موت أميرة
فيلم (موت أميرة) عرضته هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) في 12 أيار 1980، وأعيد عرضه مرة ثانية في دور السينما العالمية عام 2005م، بمناسبة مرور ربع قرن على عرضه الأول، والفيلم من إخراج البريطاني أنطوني توماس، ومن بطولة الفنانين المصريين سوسن بدر، سمير صبري، نبيل الحلفاوى، محمد وفيق، إضافة لعدد من نجوم السينما من انكلترا، الفيلم يروي إعدام الأميرة مشاعل آل سعود بعد أن خانت زوجها الذي كان لا يشبع رغباتها الجنسية! وحاولت الهرب مع عشيقها خارج المملكة لكن السلطات السعودية تمكنت من القبض عليهما بمطار الرياض قبل إقلاع الطائرة بدقائق وتم إعدام الأميرة بإطلاق الرصاص عليها، أما العشيق فقد ضربت رقبته بالسيف في إحدى الساحات بمدينة جدة، جاؤوا بالأميرة ملفوفة بالعباءة والخمار، وما إن نزلت من السيارة حتى اقتيدت إلى وسط الساحة وأقعدت عنوة. ثم أطلقت عليها ست رصاصات من فوهة مسدسين خرت على إثرها مضرجة بدمائها. بعدها أتي بشاب حاسر الرأس، مكتوف اليدين منهوك القوى، وما أن ترجل من السيارة حتى أمر بأن يجثو على ركبتيه وما أن جثا حتى وخز بالسيف، فمد الشاب عنقه، فسارع الجلاد ليحتز رأسه بضربة واحدة، إلا أنه تعثر فألحق الضربة بضربات حتى بلغت ستاً، وهوى الشاب جثة هامدة مضرجة بدمائها.
الذي أخاف آل سعود أكثر من مشهد إعدام الأميرة في الفيلم وبرغم القول إن الأميرة قتلت بضغط من جدها الأمير أبو الشرين وهو أكبر أبناء الملك عبد العزيز- أكبر من الملك فهد-، أنه تعرض لخفايا وفساد قصور آل سعود، وصور مشاهد أظهرت أميرات أخريات وهن يتجولن في سياراتهن الفارهة على الطريق الصحراوي لاصطياد من يروق لهن من الشباب الذين يستقلون بدورهم سياراتهم على الطريق نفسه.. وسلسلة هذه المشاهد هي التي كانت اشد وطأة وحدة وغضبا داخل الأسرة المالكة للحجاز! وقيل حينها إنه حين عرض على الملك السعودي آنذاك خالد شريط فيديو للفيلم، وشاهد الأميرات وهن يتجولن بالسيارات في الصحراء، ثار وأرعد واعتبر الفيلم لطخة عار على شرف العائلة السعودية!. الفيلم كما قال عنه منتجوه يصور عمليات حقيقة للإعدام بقطع الرأس وإنها صورت بكاميرات سرية. وهنا لا بد من التنويه بأن مخرج الفيلم مشهور عالميا بأنه صادق في فكره وانه صانع الأفلام الوثائقية واتخذ فيلمه هذا صيغة الدراما الوثائقية الباحثة عن الحقيقة.
رغوة صابون
وأمام فيلم «موت أميرة» أقام الحكم السعودي الدنيا، فأخذ يرغي ويزبد ملوحا بإيقاف كل الاتفاقيات المالية والاقتصادية المعقودة بين الحكومتين السعودية والبريطانية التي تبلغ في مجموعها آلاف الملايين، فاعتذرت بريطانيا بشخص وزير خارجيتها آنذاك «دافيد واين» للحكم السعودي، وسخرت الصحافة البريطانية من ذلك الاعتذار. وخلق الفيلم أزمة دبلوماسية بين المملكة المتحدة والعربية السعودية أدت إلى سحب السفير السعودي من لندن.
عملت وسائل الإعلام السعودية ومن يدور في فلكها على الهجوم على الفيلم وكل من شارك به، ودفع هذا الفيلم آل سعود لإعادة الدعم للصحف الموالية لهم في الغرب، وإلى إصدار مزيد من الصحف المؤيدة لخطهم السياسي، إضافة إلى تمويلهم لأفلام تخدم سياساتهم أيضاً.
ولكن الحقيقة التي لا تخفى على أحد أن تهديدات آل سعود، لا تعدو أنها زوبعة في فنجان، ذلك لأن الحكام السعوديين ينطبق عليهم المثل القائل: «من كان بيته من زجاج، فعليه ألا يرشق الناس بالحجارة». والبيت السعودي من زجاج شفاف لا يقوى على شيء، ولذا فالحكام السعوديون ليسوا أهلا للتهديد والوعيد لبريطانيا، فلم تمض فترة وجيزة حتى عاد آل سعود لأسيادهم (مثل السمن على العسل).
ملك الرمال
والآن يأتي المبدع السوري نجدة أنزور في عام 2012 أي بعد اثنين وثلاثين عاماً ليقدم فيلم «ملك الرمال». أنزور أنتج الفيلم بطريقة سرية، ولم يعلم به آل سعود أو غيرهم إلا من خلال الإعلانات التي ظهرت في الصحافة العالمية. قيل: إن «ملك الرمال» يصور تأسيس المملكة السعودية وما رافق ذلك من إرهاب وقتل ودسائس، الفيلم لم يعرض حتى هذه اللحظة جماهيريا، إنما سربت بعض المشاهد منه، وعرض على نطاق ضيق في لندن على مجموعة من الصحفيين الكبار، (سبق أن نشرنا هنا في «الوطن» عرضا عن الفيلم) واغلب الظن سيعرض الفيلم على المستوى العالمي وفي المهرجانات السينمائية العالمية في نهاية هذا الشهر وسيطرح للعرض جماهيريا. حتى هذه اللحظة لا أحد يعلم ما يبيت آل سعود للمخرج السوري المبدع نجدة أنزور، الذي حصل، ونشر في الصحافة العربية والأجنبية، أن أنزور تلقى التهديدات من آل سعود، ومن تحت الطاولة.