2012/07/04
ميادة حسن - البعث
مازالت الدراما السورية تعيش نجاحاتها و تطورها، ومازالت أيضاً تقدم لنا نجومها الذين لمعوا في مواسم عملها، حتى أصبحوا رموزاً فنية يعرفهم القاصي والداني، كما أصبح الاعتماد على الفنان السوري واسمه ضرورة من ضرورات العمل الدرامي الناجح، لكن هذا النجاح ظل محصوراً بأسماء معينة، سواء في مجال ما يقدم من برامج أو مسلسلات تكاد تتكرر في كل موسم، حيث يتصدر الفنان «النجم» أكثر من عمل، فيما يعاني الفنانون الشباب من البحث عن فرصة حقيقة تدفعهم إلى الأمام.
المعهد العالي للفنون المسرحية يخرّج كل عام جيلاً من الوجوه الجديدة، تحاول أن تلمع في ميدان العمل الفني السوري، لكنها تعاني الأمرين.
عن هذه الكوادر، وفرص العمل المتاحة لها ونظرتهم إلى الدراما السورية، التقت تيلي دراما «البعث» خمسة منهم حدثوها عن همومهم وآمالهم وأحلامهم فكان هذا الحوار:
< علا باشا، خريجة ومعيدة في المعهد العالي للفنون المسرحية 2009م، تؤكد بأن التخرج هو مرحلة انتقال من النظري إلى العملي، وهنا وجه الصعوبة، وعرض التخرج يساعد قليلاً في مسألة الخروج إلى ميدان العمل، وترى باشا أنه يوجد تحيّز بين الفنانين، ولكن ليس على نطاق واسع، وهو ناتج من التعاون الذي يكون بين الفنانين والمخرجين والتجارب المختلفة بينهم، ويمكن أن يكون هناك تشجيع من أطراف معينة لفنان دون غيره، وقد يكون سبب ذلك هو الثقة التي تتفاعل بين المجموعة والمخرج، وفي النهاية تظل رؤية المخرج للفنانين هي العامل الحاسم.
وتضيف باشا: الحظ يلعب دوراً هاماً ولا يغيب عن الذهن بأن تكريس الفنان على الشاشة من خلال أعماله الكثيرة تصنع نجوميته، في النهاية يجب أن تكون لأي فنان بصمته.
فالنجوم نوعان: نجوم حقيقيون لديهم مشاريعهم وأعمالهم وأدواتهم، وهناك نجوم ليس لديهم أي مشروع، ولكن اعتيدت مشاهدتهم المتكررة على شاشات التلفزة.
أما ما يخص المرحلة الراهنة، فتؤكد علا باشا بأن الدراما السورية في مرحلة حرجة، فبعد النجاح والتألق يجب عدم التراجع، وعندما نرى أن ثمة تكراراً فإن ذلك يخلق ركوداً بصناعتنا، لذا نحتاج إلى نقلات نوعية ومحاولات كثيرة.
وترى باشا أن قناة الدراما السورية هي قطاع عام ولديها أسبابها وبرنامجها، ولكن يجب أن تقدم المساعدة وألا تقف صامتة.
نذكر أن للفنانة علا باشا أعمالاً مثل: تخت شرقي - لعنة الطين- سوق الورق - وادي السايح.
< الفنان يامن الحجلي، تخرّج عام 2009 يقول: إن دخول ميدان العمل ليس أمراً صعباً، ولكن يعتمد بالدرجة الأولى على عرض التخرج الذي يقدم الفنان للمخرجين، وبالتالي فإن المخرجين يقيّمون الفنان ليعتمدوا عليه في أدوار يختارونها له، كما أن نشاط الفنان أيضاً له الأثر الكبير في إيجاد فرصة عمل.
يضيف الحجلي: إنه لايرى تحيزاً في الاختيار، ولكن توجد فرق عمل متفاهمة، تستطيع أن تقدم الأعمال برؤية إخراجية متماسكة، ويكون رأس المال الإنتاجي أحياناً سبب اختيار بعض الممثلين النجوم عن غيرهم.
ويرى الحجلي: إن فكرة صناعة النجم لاتهم شركات الإنتاج أكثر من المخرج، إن غايتها في النهاية الربح المـــادي، وقد يؤدي ذلك إلى تضارب في الآراء بين الشركة والمخرج أحياناً.
وعلى الرغم من أن الدراما السورية وصلت إلى مستوى ممتاز ولكن هناك مخاوف من التكرار وقلة النصوص والأفكار المبتكرة المستنبطة من الواقع، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجعها.
ويؤكد الحجلي أن الأزمة الحالية جعلت مستقبل الدراما فيه شيء من الضبابية، حيث تعاني من تسويق العمل خارج الحدود، كما تحتاج إلى رعاية وطنية في التمويل والتسويق حتى تبتعد عن عناصر التأثير الخارجية.
يختتم الفنان يامن الحجلي رأيه بالقول: إن قناة سورية دراما لم تكن بمستوى الطموح، لأنها غيبت الكثير من الأعمال المهمة، وهي لاتقوم بدورها التسويقي المفترض للدراما أو حتى للفنان، ويجب عليها أن تكون أكثر فعالية.
للفنان الحجلي أعمال مهمة مثل: أبواب الغيم – الصندوق الأسود – ما ملكت أيمانكم – دليلة والزيبق وغيرها.
< أما الفنان جيرار آغا، خريج 2009، يرى أن هناك صعوبة في دخول ميدان العمل بعد التخرج مباشرة، ذلك لأن الفنان يكون قد دخل حديثاً للميدان الفني، وبالتالي فهو غير معروف بالنسبة للمخرجين أو شركات الإنتاج، ويرى آغا أن الأجور تلعب دوراً كبيراً في اختيار الفنان ، والمنتج له كلمة الفصل في اختيار وجوه أي عمل.
ويضيف آغا: إن شركات الإنتاج لاتهتم بصناعة النجم وغايتها الأساسية هي الربح، لكنها تحاول استقطاب النجوم المصنعين أصلاً وليس صناعتهم من جديد، وبالنسبة للمخرجين فهم أكثر اهتماماً بالجيل الشاب، ويعتمدون عليهم ويؤمنون بحرفيتهــــم، أمثال حاتم علي ونجـــدة أنزور وغيرهم .
ويؤكد آغا أن هناك خوفاً على الدراما السورية في هذه المرحلة، لأننا كنا نعتمد على الخارج في تسويق أعمالنا، وهذا الدور منوط بقنواتنا وشركات الإنتاج المحلية.
ويرى الفنان الشاب أن قناة سورية دراما لم تلبِ النشاط الدرامي المرجو منها من حيث العرض والإعلان والتسويق، حيث تقوم أحياناً بعرض مسلسلات غير سورية، وعلى الرغم من حداثة القناة إلا أنها تستخدم أساليب قديمة وغير حرفية في تقديم الأعمال، نذكر من أعمال جيرار آغا: كريزي TV كوميدي شيفون – بطولة ظل الحكاية وغيرها.
< الفنان جوان الخضر، خريج عام 2010 يرى بأن فرص العمل بعد التخرج متفاوتة، حيث لايسمح قانون المعهد العالي للطالب بالعمل قبل انتهاء السنة الثالثة، والنوع أهم برأيه من الكم في هذه المرحلة.
ويضيف الخضر: إن المخرجين تجذبهم عناصر معينة في أداء الممثل بما يتناسب وشخصيات العمل التي يختارونها، وهذا ممكن من أجل نجاح العمل، ولاأرى تحيزاً أو شللية، فهناك مخرجون لايقبلون فرض فنان عليهم.
يضيف الفنان الشاب: إنه يعتقد أن ليس لشركة الإنتاج أو المخرج دور في صناعة النجم، وإنما الأمر يتعلق بالجمهور الذي يرى الفنان بأنه نجم أولاً، وهذا أمر مرتبط بقدرة الفنان وجهده وعطائه.
ويؤكد الخضر أن الدراما السورية قد تطورت، وحالة التكرار غير مؤثرة فيها، لأن الأمر يخضع لطلب الجمهور، والدراما بحالة جيدة، لها وجودها ومكانتها في العالم العربي، كما لا يمكن تجاهلها لا اليوم ولا في المستقبل، على الرغم من احتكارات التسويق والإنتاج، ومع ذلك يجب أن نعتمد صيغاً جديدة فيما يتعلق بصناعة الدراما السورية.
ويرى الخضر: بأن قناة سورية دراما لم تقدم ما هو متوقع منها، ولم تحقق الهدف الذي أقيمت من أجله وحتى على مستوى النشرة الإخبارية الفنية، فهي مقصرة جداً وغير مقنعة، وأدواتها وعرضها ضعيفان، ولم تثبت أي احترافية في العمل، يذكر أن للفنان الخضر أعمالاً مثل: ملح الحياة –جلسات نسائية – العقاب وغيرها.
< الفنان علي الإبراهيم الذي بدأ عمله في الدبلجات التركية، يرى أنه من واجب المعهد العالي للفنون المسرحية تعريف المخرجين وشركات الإنتاج بكوادرها، وتقديمهم في عروض التخرج والعمال المهمة، لأن ذلك يسهم في تسويق الفنان الشاب مبكراً، ويحرر بعض المخرجين من الرغبة في العمل مع كادر معني، حيث يفرض تعدد الخيارات، على الرغم من أن بعض المخرجين يرتاحون، كما يتلمس المشاهد، إلى العمل مع مجموعة من الفنانين بشكل دائم.
ويضيف الإبراهيم: إن فكرة صناعة النجم موجودة عند قلة من المخرجين، فيما يكون لدى البعض الآخر منهم الخوف من تقديم شخص لمشروع نجم، ويفشل لأن النجومية مرهونة بالجمهور وجهد الفنان، ومع ذلك فإن الدراما السورية بخير رغم مخاوف تحولها من مادة فنية ذات مواصفات قياسية تهم الجمهور، إلى مادة تجارية فقط لا يهمها إلا الربح، وهذا ما نراه في كثير من الأعمال التي تأخذ طابعاً واحداً مثل: أعمال البيئة الشامية (باب الحارة ).
ويضيف الإبراهيم: إن مقومات كثيرة يجب تداركها من أجل مستقبل الدراما السورية، منها ألا تخضع لإملاءات المنتجين الخارجيين، وتقديم الأعمال بشروطهم لا بشروطنا، ويجب أن يكون التمويل داخلياً كذلك التسويق دون اللجوء إلى جهات أخرى، ومع ذلك فالدراما السورية لها ثقلها وستكون صاحبة القرار في النهاية.
ويختتم الإبراهيم بأن قناة سورية دراما بدأت جيدة، ولكن لم تطور نفسها بطريقة تقديم الأعمال كما هو مطلوب، كما أنها تقدم أعمالاً غير سورية، نذكر من أعمال الفنان: خماسية بيت عامر - العقاب- في حضرة الغياب.
في الختام، يمكن القول: إن هناك روابط في الأفكار بين فنانينا الشباب، فهذا الجيل يبحث عن دراما بعيدة عن النمطية تلامس هموم الشارع وأوجاعه، والنظر إلى مستقبل مشرق لتسويق أعمالنا من خلال قنواتنا وشاشاتنا المحلية، كما يحمل أحلاماً كبيرة لصناعة تعد بالكثير.