2012/07/04
إدريس مراد - تشرين قدمت دار الأسد للثقافة والفنون ولأول مرة (باليه سبارتاكوس) يومي 22 و23آذار 2010 على مسرح الأوبرا وقد كتب موسيقا هذا العمل المؤلف الأرمني آرام خاتشادوريان ويعتبر من أهم أعماله وحضَّر له حوالي عشر سنوات وكان جاهزا عام 1954 ونال عليه جائزة لينين بعد عرضه ،اختصرت فصوله الأربعة مؤخرا إلى ثلاث مجموعات تلخص فكرة العمل الأساسية، ولخاتشادوريان أعمال كثيرة مثل: باليه غايانا ، باليه السعادة ، سيمفونية الجرس، كونشيرتو البيانو والأوركسترا....، كان له الفضل في توسيع تقاليد الباليه في الاتحاد السوفييتي حينها حيث وأضيف اسمه إلى أسماء عباقرة الموسيقيين الروس(تشايكوفسكي،سترافينسكي، بروكوفييف ...)، يختلف باليه سبارتاكوس موسيقياً عن باقي أعمال آرام خاتشادوريان من حيث صعوبة أدائها فتحتاج إلى تقنية موسيقية فائقة وتكنيك عال المستوى وتكمن صعوبة العمل أيضاً في العزف الحي والتنسيق مع الراقصين لمدة ما يقارب الساعتين والنصف وهذا إدهاش بحد ذاته، وإلى اليوم يعتبر خاتشادوريان أهم من كتب الموسيقا الكلاسيكية بطعمها الشرقي البحت وينحدر باليه سبارتاك ضمن هذا الإطار أيضاً. أما قصة العمل من تأليف يوري غريغوروفيتش فهي مستوحاة من قصة لرفايلو جوفانيولي وأحداث تاريخية تعود إلى الواحد والسبعين قبل الميلاد وبالتحديد ثورة العبيد ، اختصرها غريغوروفيتش وقدمها بثلاثة فصول ففي الأول منه يقع سبارتاكوس في أسر الجيوش الرومانية بقيادة كراسوس حيث يقتاد مع حبيبته فريجيا وغيرهم من الأسرى إلى روما لبيعهم كعبيد فيضَعون سبارتاكوس مع المصارعين، أما حبيبته فيضعونها مع نساء قصر كراسوس حيث يستهزئ بها وتتعرض للتحرش كنوع من التسلية للموجودين، ولمزيد من المرح وبحضور آيجينا المحبة للقوة والسيطرة، حيث يأمر كراسوس للبدء بمصارعة حتى الموت بين مصارعين معصوبي الأعين، وبعد انتهاء المصارعة تخلع الخوذة عن المنتصر فإذا به سبارتاكوس الذي يلقي نظرة على المصارع المهزوم ليرى أنه قد قتل صديقه، هذه اللحظة تؤلم سبارتاكوس وتعذبه ويصبح من المستحيل أن يقبل الظلم والقهر وأن يبقى عبداً بعد أن كان رجلا حراً ، فيدعو المصارعين إلى الثورة والهرب إلى الحرية. أما في الثاني ينجح الأسرى بالهرب، وفي طريقهم مبتعدين عن مدرسة المصارعة يلتقون بمجموعة من الرعاة الذين ينضمون بدورهم إلى الثائرين وتختار المجموعة سبارتاكوس قائداً لها لا يطيق سبارتاكوس الهرب تاركا فريجيا لتلتقي مصيرها في قصر كراسوس فيعود مع رجاله لإنقاذها، وبينما يحتفل كراسوس بالنصر مع حلفائه من الأغنياء والنبلاء يصل خبر أن سبارتاكوس ورجاله قد حاصروا القصر،بعد دخول القصر ،تحين المواجهة بين سبارتاكوس وكراسوس، ويخسر الأخير المعركة فيصبح قاب قوسين من الموت إلا إن سبارتاكوس يمتنع عن قتله، وهذه كانت خطأً فادحاً يرتكبه سبارتاكوس. وفي الفصل الثالث والأخير يمزق العار كراسوس وتقنعه آيجينا بالسعي للانتقام، وبينما كان سبارتاكوس وحبيبته سعيدين في المخيم يعلم بتحضير كراسوس للهجوم، فيقرر البقاء للقتال. فيما بعد تتسلل آيجينا إلى مخيم المقاتلين وتقوم بإغوائهم لتقنعهم بالتخلي عن قائدهم سبارتاكوس وفعلاً تنجح باستدراج عدد منهم ثم تقوم بتسليمهم إلى كراسوس، يتمكن كراسوس من هزيمة رجال غريمه ويطوق جنوده سبارتاكوس لينقضُّوا عليه ويقتلوه، يعيد أصدقاء سبارتاكوس جثته إلى حبيبته فريجيا التي تبكي وترثي حبيبها ثم ترفع ذراعها لترجو أن تظل ذكراه حية إلى الأبد. وهنا ينكسر حلم آخر لإنسان حاول أن يقطع سلاسل العبودية. قدمت مجموعة راقصي فرقة دار الأوبرا والباليه الحكومي في أرمينيا هذا العمل بإيماءات معبرة، وبيَّنت للمتلقي هذه القصة الإنسانية بكل تفاصيلها خلال مايقارب الساعتين. كما أنَّ الفرقة السيمفونية الوطنية السورية قدمت دورها في عزف أصعب عمل لخاتشادوريان بقيادة المايسترو الأرمني كارين تورغايان، وهذه خطوة أخرى تسجل لصالح السيمفونية السورية وخاصة أن تورغايان قد أثنى على أدائها ووصفها بفرقة متطورة وقال في المؤتمر الصحفي الذي أقيم في السفارة الأرمنية حرفياً: (تعتبر السيمفونية السورية من أهم الفرق في المنطقة وما رأيته من خلال هذا العمل بأن مستواها عال جداً ويتطلب اهتمامكم كصحفيين أكثر وهي أمانة في أعناقكم). وهذه الشهادة تجعلنا كسوريين نفخر بفرقتنا وموسيقييها. كما أن إدارة دار الأسد للثقافة والفنون تستحق الشكر على تقديمها لأول باليه متكامل في سورية وهنا لابد من سؤال: متى سيرى الجمهور السوري عرض باليه أو أوبرا كامل وبكوادر سورية كاملة.