2012/07/04
شكري الريان
يقول الخبر الذي نشرته جريدة الحياة اللندنية مؤخراً إن شبكة (الإم بي سي) العربية قامت بشراء حقوق برنامج هولندي، من برامج تلفزيون الواقع، بعنوان "تريد أن تملك". البرنامج سيبث عبر (إم بي سي أكشن) في نهاية كانون الثاني/ يناير القادم، وتوقعت الشبكة أن يحقق البرنامج معدل مشاهدة يصل إلى ثلاثين مليون مشاهد عربي، كون البرنامج شبابي الطابع، والشباب يشكلون نسبة كبيرة من مشاهدي التلفزيون في المنطقة العربية.
إلى هنا والخبر عادي، وحصل ويحصل وسيستمر في الحصول، طالما الفرنجة (بتشديد الجيم) متفوقين علينا في الميديا والاقتصاد والآداب والفنون، ولا داعي للإكمال، ولكن غير العادي هو أن البرنامج فشل في موطنه الأصلي ولم يحقق معدل مشاهدة تجاوز المليون عندهم. عندنا متوقع ثلاثين مليون مشاهد، وبحسبة بسيطة كل واحد هولندي يساوي ثلاثين عربيا، نحكي عن الشباب بالطبع!.
وحتى لا نمضي في التهكم ويأخذنا الكلام إلى مواضع لا نريد الوصول إليها، نختصر قائلين إن ما حصل يستدعي الوقوف أمامه فعلاً، والوقوف هنا بدوره سيقودنا إلى مراجعة بعض ما اعتبر من المسلمات حول دور الإعلام في التنمية، على اعتبار أننا ما نزال مجتمعات متخلـ... نقصد نامية. ومن لم يصدق فليسأل الإم بي سي.. لو لم نكن كذلك، فلم الحاجة للاستيراد من عند الآخرين؟!. حكما هناك نقص عندنا في شيء أو أشياء، يستدعي بدوره أن نستورد.. ولسنا أصلاً ضد الاستيراد من الأساس، خصوصاً إن كان فيه توسيع لأفق، أو زيادة في مهارة، أو رفع لمستوى ذائقة عامة، وهي كلها تقع ضمن ما يمكن للإعلام أن يقوم به في قرا... نقصد مدننا. وفي أي مكان في العالم.. ولكن أن نستورد ما بارَ عندهم متأكدين أنه سيروج عندنا.. فذلك مالا يمكن فهمه إطلاقاً.
والأهم من هذا نسأل وبعد كل هذه السنين، عفواً مرة أخرى، نقصد، العقود من العمل الإعلامي: أما بات من الضروري أن نبحث حولنا عسانا نجد من هو قادر على تقديم برنامج مثير وشعبي ويحقق ريعاً حقيقياً، والأهم أنه بدوره قد يجذب ملايين من المشاهدين، ومن يدري قد يباع أيضا في بلاد الفرنجة.. أم أننا نبالغ في الحلم؟!.
الأمر ليس حلماً إن أخذنا بعين الاعتبار مئات، أو ربما أكثر، من الملايين التي صرفت في إعلام مازال إلى لآن يستورد، وفي المجال البرامجي بالذات، دون أن يقدم فكرة واحدة أو برنامجاً واحداً عربياً يحقق انتشاراً، أو يدرس ويقدم له كل الدعم الممكن ليكون كذلك. أعجزت أكبر شبكة تلفزيونية عربية عن إيجاد فريق عمل يقوم بالبحث في هذا الاتجاه، وعندها جيوش من الموظفين؟!. أم أن المسألة أن من جرب المجَّرب، والمقصود بالمجرب هو ذاك الذي حقق نجاحاً عند غيرنا بالطبع.. وفي مثل هذه الحالة يصبح المثل "من جرب المجرب، كان ذو حس مدرَّب".. ولكن في حال كان البرنامج أصلاً فاشلاً في موطنه.. فكيف يصبح المثل يا ترى؟!.