2013/06/21
صهيب عنجريني- السفير
لا يشي مبنى قناة «الميادين» المتواضع، بحجم العمل الذي يدور داخل أروقته. القناة التي تشعلُ غداً شمعتها الثانية، استطاعت، انطلاقاً من طابقين تحت الأرض، أن تحجز لنفسها مكاناً في عالم البث الفضائي، وبزمن قصير نسبيّاً، ما فاق توقعات القائمين عليها. يقول مدير قسم الأخبار في القناة الزميل سامي كليب لـ «السفير» إنّ «انتشار القناة وما حظيت به من متابعة فاق توقعاتنا فعلاً، ففي عدد لا بأس به من الدول أصبحنا القناة الأولى، وفي بعض الدول من بين القنوات الأولى. هذا تحقق في أقل من عام وبإمكانيات ماديّة متواضعة قياساً لإمكانيات القنوات الأخرى، ونحن نعتبره إنجازاً». يعزو كليب ذلك إلى سببين: «أولهما، بناء طاقم العمل بطريقة احترافية، اختياراً وتدريباً، وثانيهما، وجود حاجة عربية إلى صوت آخر وسط الاصطفاف الإعلامي الموجود». يستعرض الإعلامي اللبناني معنا مسيرة «عام من الواقع». يقول إن أبرز إنجاز تعتزّ به القناة أنّها «لم تبث أيَّ خبر كاذب أو مفبرك، نحن مخلصون لشعارنا: الواقع كما هو».
لكنّ نقل الخبر ليس وحده ما يصنع سياسة القناة، ثمّة دور كبير لطريقة قراءة الخبر، ولنوعية ضيوف المحطة إن تحليلاً أو حواراً. ثمة من يرون أن «الميادين» تفتح أبوابها لضيوفٍ دون سواهم، خصوصاً في الشأن السوري الذي بات العنوان الأول لانقسام المشهد الإعلامي العربي. يجيب كليب: «خيارنا واضح، نحن مع عروبة سوريا وبقائها دولة داعمة للمقاومة، لكن هذا لا يعني انحيازنا إلى أي من أطراف الصراع، تواصلنا مع كل أطياف المعارضة السورية، وقلّ أن ترى معارضاً سورياً لم يظهر على شاشتنا، إلا إن اعتذر هو. واسألوهم، لا يوجد لدينا قوائم سود، فضاؤنا مفتوح للجميع، باستثناء العدو الإسرائيلي». ويضيف: «أول انتقاد وُجِّه لـ «الميادين» كان من وزير الإعلام السوري، المشكلة أنّ البعض يهوى تصنيف المنابر الإعلامية: «مع أو ضد»، ونحن نتعرّض لانتقادات من الطرفين».
يرى كليب أن «الميادين» هي الأصدق في نقل الواقع السوري، لأنّها «لم تقل هذه المنطقة سقطت وهي لم تسقط، لم تفبرك معارك وهمية، لم تصطنع اقتتالاً غير موجود». يتذكّر على سبيل المثال، أنّ القناة كانت أول من نقل خبر إسقاط الطائرة التركية، وكيف زعمت بعض الفضائيات أن الخبر كاذب، قبل أن تؤكده أنقرة. يستعرض أموراً أخرى تفردت بها القناة بعيداً عن الشأن السوري: «أحداث غزة، وفاة تشافيز، الانتخابات الفنزويلية، أحداث ميدان تقسيم التركي، الانتخابات الإيرانية، ...». يلخص تقييم إدارة القناة لعملها: «نجحنا في التأسيس لمشروع إعلامي على قدر كبير من الموضوعية من دون الاصطفاف مع طرفٍ دون سواه».
خلال جولة «السفير» داخل مبنى «الميادين» يبدو الحماس قاسماً مشتركاً بين العاملين في جميع الأقسام. يؤكّد كلّ من تحدّثنا إليهم «إيمانهم برسالة القناة»، وأجمعوا على أن «سخونة المشهد العربي فرضت تسريع إطلاقها قبل عام، وبالحد الأدنى من الجهوزية»، مؤكدين أن «لديهم الكثيرَ ليعطوه».
ثمة جديد يعد به العام الثاني على الصعد كافة: سيتم إطلاق نشرة إخبارية خاصة بالشأن اللبناني، إضافة إلى نشرة مغاربية يومية، ثمة مجموعة من البرامج الجديدة، علاوة على تغييرات ستطال بعض البرامج. ويؤكد مدير الإنتاج في القناة رشيد كنج أن العام الثاني سيشهد تطويراً على صعيد المشهد البصري، إن لجهة جودة الصورة، أو شكل البرامج وديكورات الاستوديوهات. يوضح أنّ القناة ستخصص ساعة من بثها غداً الثلاثاء (بين الثانية والثالثة بعد الظهر بتوقيت القدس)، لاستعراض مسيرة «عام من الواقع» تتضمّن وقفات مع فريق القناة، وعرض آراء لمشاهدين تمّت مقابلتهم عبر «سكايب».
التباين الكبير في آراء متابعي «الميادين» حول أدائها، ليس مستغرباً، في زمنٍ عربي يجنح إلى تقسيم كل شيء بين الأبيض والأسود. الثابت أنّ القناة التي انطلقت في مرحلة تشهد ثورة إعلامية، ما كانت لتثير كلّ ذلك الجدل، لو جاءت حدثاً هامشياً، في عصر يشهد اهتزاز إمبراطوريات إعلامية. هاجمها كثيرون قبل أن تنطلق، واضعين علامات استفهام حول مصادر تمويلها. فيما ذهب المتحمّسون لها إلى حدّ تأكيد «أنها غيّرت المعادلة الإعلامية، ودفعت الآخرين إلى إعادة حساباتهم». وبين هذا وذاك تؤكّد إدارة القناة أنّها تتلقى بشكل مستمر مؤشراتٍ على نجاح مسيرتها، كان آخرها أن دبلوماسياً أوروبياً بارزاً قد زار القناة مؤخراً متمنياً على إدارتها الاهتمام بقضايا تهمّ بلاده، ومستنداً في ذلك إلى دراسات «أكدت لإدارته السياسية أن «الميادين» في طريقها لتصبح القناة الإخبارية الأولى في العالم العربي».