2013/06/21
رمضان إبراهيم – الثورة
قد تكون الفكرة جديدة من حيث ابتعادها عمّا ألفناه عبر القنوات الفضائية المتعددة الانتماءات والأمزجة إذ طالعتنا قناة الجديد وعلى مدى عدة أسابيع ببرنامجها « الزعيم».
والزعيم ليس برنامجاً فنياً يطمح محبو الفن في نهايته إلى تكريس ملك إضافي يتربع على عرش الهرم الفني الذي بات يضجّ بالألقاب والأسماء فهناك ملك العتابا وملك الأغنية وملك الفيديو كليب .. و.. والخ. أضف إلى أن برنامج الزعيم ليس برنامجاً ثقافياً بمعنى الكلمة يسعى إلى تكريس أمير للشعر مثلاً إذ تم تعيين أمير للشعر والشعراء في أكثر من قناة لسنا في حاجة لتعداد أسمائها الآن.
الزعيم الذي عرضته قناة الجديد هو برنامج سياسي يسعى إلى انتخاب وتكريس زعامة حقيقية بالرغم من أن الساحة تضجّ بالزعماء وأيضاً بالرغم من الأغنية التي تتحدث عن هجرتهم والتي باتت معروفة لدى العديد من المتابعين والتي تقول:» الزعما فلّوا من لبنان ..إلى آخر الأغنية التي تم استضافة مقدميها في إحدى حلقات البرنامج «.
إذاً الزعيم هو برنامج سياسي كانت توجهات المشتركين فيه واضحة منذ الحلقة الأولى وكان من السهولة بما كان أن نتبين التوجه السياسي أوالانتماء الفكري والعقائدي من خلال ما عرضه المشتركون من أفكار وتصريحات كانت بمثابة برنامج عمل أوبرنامج انتخابي في سبيل الوصول إلى كرسي الزعامة.
قد تكون الإيجابية الأكثر وضوحاً في البرنامج هو اعتماده على لجنة حكم ذات صلة بالشأن السياسي (صحفي ومراسلة للأخبار ومعدّة للأخبار) ولكن هذا لا يعطي البرنامج صك البراءة من التحيّز والتحزّب إذ إنه سار على درب البرامج الفنية باعتماده على التصويت وطالما أنه يعتمد على ذلك فلا بدّ من أن يسير التصويت وفق انتماء المشاهد وتوجهه الحزبي أو السياسي وصولاً إلى زعيم من نفس الحزب أو حتى من نفس الطائفة.
في إحدى الحلقات بدت السياسية على حقيقتها إذ كان على المتسابق أن يصرّح بموقف ما ليعود ويعطي تصريحاً يناقضه وكأن لسان حاله يقول: نحن الزعماء نكذب ونكذب ونستطيع بسهولة الانتقال من الرصيف الأيمن إلى الرصيف الأيسر دون عناء.. تارة مع وتارة ضد .. تارة مؤيد وتارة معارض، وأنا على المستوى الشخصي لم أفاجأ بهكذا نوع من السياسيين والسنوات الأخيرة القليلة المنصرمة أكدت لي ذلك! وهنا أسمح لنفسي بالسؤال التالي: هل حقاً هذا ما يطمح إليه المواطن العربي؟! زعيم يكذب خلال الـ24 ساعة أكثر من مرّة .. كيف سيصدقه الشعب وكيف سيفي بعهوده ووعوده ؟! قد تكون هذه السياسة متبعة حالياً في أكثر من مكان ولا داعي لذكر أصحابها.
قد يقول قائل إن ما جرى هو أحد شروط اللعبة.. وقد يقول آخر: إن على الزعيم أن يتحلى بالمرونة والديناميكية، وأنا أرى أن من يتربى على الكذب ويكون الكذب هو برنامجه وصولاً إلى الزعامة لا يمكنه أن يعطي شيئاً سوى الكذب إضافة إلى أن المرونة والديناميكية تقتضي الحد الأدنى من المصداقية، أما أن نتبنّى خلال دقائق الشيء ونقيضه فهذا لا يعني مرونة وإنما رياء ونفاق وقد تكون هذه هي العلة في العديد من الزعماء الذين فضحتهم الأزمة التي نمر بها إذ بانت وجوههم السافرة والقذرة بانتقالهم إلى الضفة الأخرى دون عناء ودون أي اعتبار
واحترام لمواقفهم السابقة.
وبالعودة إلى الطريقة التي تم انتخاب الزعيم على أساسها وفق شروط البرنامج أعتقد أن اللجنة بالرغم من عملها في المجال السياسي ليست قادرة على الخروج من جلباب انتمائها السياسي إذ يبدو هذا الأمر جلياً من خلال تعليقاتها على المشتركين واختلاف أعضائها فيما بينهم.
أخيراً هل أمسينا بحاجة إلى هكذا برامج كي نحصل على زعيم لا يمكنه أن يخرج من جلباب حزبه وانتمائه السياسي ليكون زعيماً لكل أبناء وطنه ؟! وهل باتت صناديق الاقتراع - موضة قديمة - بالرغم من أنها خرّجت وما زالت تخرّج لنا الزعماء الذين تركوا بصمة في ذاكرة التاريخ سواء أكانت تلك البصمة إيجابية أم سلبية ؟! وهل خرّج برنامج الزعيم زعامة حقيقية ؟!.. سؤال قد تفصح عنه قادمات الأيام؟!