2013/05/29
هيثم صالح – تشرين
«لكل كلمة الحق في أن تكون حرةً» عبارة كان مضمونها ولايزال يدغدغ عقول وقلوب وعواطف ملايين البشر على مر القرون والسنين، فالإنسان بفطرته يتوق للحرية.
تحت هذا الشعار يقدم النائب البريطاني جورج غالاوي برنامجاً في قناة الميادين الفضائية عنوانه «كلمة حرة» يتناول في كل حلقة من حلقاته الأسبوعية التي تذاع الساعة التاسعة والنصف من مساء كل يوم اثنين موضوعاً مثيراً للجدل والنقاش والأسئلة ويستضيف فيه جمهوراً يمثل أغلبية الشرائح الفكرية والثقافية والاجتماعية وحتى السياسية.
الشيء الجميل والمثير للإعجاب هو أن تستطيع قناة الميادين الفضائية أن تستقطب رجلاً كجورج غالاوي أمضى أكثر من ثلاثين عاماً من حياته نائباً في البرلمان البريطاني وعرف خلال حقبة طويلة منها مدافعاً عن حقوق المظلومين ومتبنياً للقضايا العادلة ومنها قضية الشعب الفلسطيني المهجر من أرضه والمستباحة حقوقه والمحتلة بيوته ومقدساته.
من المفارقات أن هذا الرجل الحر الذي يتبنى أقدس قضية في التاريخ الحديث ويدافع عنها وهي قضية فلسطين ينتمي إلى دولة كانت السبب الأول والرئيس في ضياع فلسطين وسلبها من أهلها وإعطائها للصهاينة من خلال وعد بلفور المشؤوم.
بالتأكيد فإن وجود شخص كجورج غالاوي المعروف عالمياً بدفاعه عن الحرية والديمقراطية في أي قناة فضائية يعطيها قيمة مضافة.. وفي ظل اختلاط المفاهيم والمصطلحات، فإنه من المفيد أن يتحدث رجل فكر وموقف عن مصطلح الحرية الذي يحاول الغرب ركوب موجتها التي سوق لها من خلال وسائل الإعلام المأجورة ليثير الشعوب وينشر الفوضى بينها، كما يحدث اليوم فيما يسمى «الربيع العربي».
في إحدى الحلقات السابقة سأل أحد الحضور النائب غالاوي عن سبب حماسة الغرب وأمريكا لتبني ما يحدث في سورية تحت شعار الحرية والديمقراطية فأجاب وبالحرف: «أمريكا والغرب يدعمان ما يحصل في سورية من قتل وتخريب ليس من أجل الحرية والديمقراطية ولا يهمهما إذا حصل الشعب السوري على حريته أم لم يحصل ولكن موقف الغرب وأمريكا من سورية ومن الرئيس بشار الأسد تحديداً لأنه رفض التنازل عن حقوق الشعب العربي السوري بخاصة والعرب بعامة ورفض الرضوخ للإملاءات والسير بمشروع الشرق الأوسط الكبير، ولأنه العقبة الوحيدة المتبقية في طريق هذا المشروع، ولذلك يحاولون إسقاط سورية وقيادتها».
وطرح غالاوي سؤالاً: لماذا لا نرى هذه الحماسة في البحرين والسعودية؟ ألا يطالب الشعب في هذين البلدين بحريته وديمقراطيته؟..
أما الحلقة الماضية من البرنامج فقد كرسها غالاوي للحديث عن إيران ونفاق الغرب وتحديداً بريطانيا وفرنسا وأمريكا عندما يتحدثون عن الحرية والديمقراطية وأورد مثالاً قد لا يعرفه الكثيرون في المنطقة ممن يرفعون شعارات الحرية والديمقراطية ويهللون لها من دون وعي، وهذا المثال هو كيف دعم الغرب وتحديداً بريطانيا الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة محمد مصدق في عام 1953 والتي كانت منتخبة من أغلبية الإيرانيين وكيف تحالف مع حكم الشاه «ملك إيران» الذي سحق الشعب وسلبه حريته وثروته.
ما يستحق التوقف عنده كثيراً في هذا البرنامج «كلمة حرة» هو أنه يأتي في مرحلة تردد فيها أغلبية الناس الذين وقعوا ضحية الفخ الإعلامي المسموم وحملات التضليل للقنوات الفضائية المسيسة عبارات لا يدركون معناها ولا يعرفون محتواها وهم فقط مأخوذون بالفوضى العارمة التي تجتاح المنطقة وتعمل على تدمير نسيجها الاجتماعي وقيمها الأخلاقية وتركيبتها الفسيفسائية ليسهل تقسيمها وتفتيتها.
فجدير بهؤلاء الناس أن يعرفوا حقيقة مَنْ يحركهم وأهدافه، وأن يدركوا ما قاله غالاوي في سياق حديثه: « العقرب يلدغ لأنه عقرب، والإمبرياليون يستغلون الشعوب لأنهم إمبرياليون».