2012/07/04
أحمد مصطفى- دار الخليج استطاعت الفضائيات ان تبتكر وسائل كثيرة لتتمكن من جذب المشاهدين وحثهم على متابعة برامجها، وتصديقها في كل ما تقدمه، وذلك من أجل تحقيق ايرادات كبيرة من الدعايات والإعلانات ومن عائدات الرسائل النصية القصيرة التي يتواصل من خلالها المشاهد مع القناة . من أشكال “الخداع” والضحك على المشاهدين، ظهرت موجة برامج وقنوات تفسير الأحلام، والمسابقات والزواج، وإن كنا نستثني بعض برامج المسابقات الجادة والمعروفة من الانسياق وراء تلك المحطات “المخادعة”، كما نستثني بعض برامج تفسير الأحلام التي يقدمها علماء دين على قنوات محترمة ومعروفة، إلا أن آخرين استغلوا أحلام الشباب ولهفة الفتيات على الزواج، وسعي فئة من المطلقين والمطلقات أو من فاتهم قطار الارتباط الى ايجاد شريك الحياة، فأطلقوا قنوات مخصصة “للتوفيق بين رأسين بالحلال” تتلقى الطلبات عبر الرسائل النصية، لكننا لم نسمع عن أي حالة زواج تمت بفضل هذه الوسائل . واستغل البعض الآخر رغبة كثيرين في تحقيق الربح السريع، فأطلقوا قنوات متخصصة في “النصب على الناس” من خلال برامج مسابقات ساذجة تستخف بعقول المشاهدين بأسئلة بسيطة، فيسارعون للاتصال من دون أن يتمكن أحد منهم من الحصول على الجائزة الثمينة التي يقال إنها عبارة عن “سيارة” أو مبالغ مالية تصل الى الملايين . أما الفئة الثالثة، فقد اطلقت قنوات وبرامج لتفسير الأحلام، مستغلة العلم الذي يستند الى الدين والقرآن الكريم في تفسيراته وتحليلاته، لتجعل منه “بزنس” تكتسب منه الأموال ومن دون أن يكلفها أكثر من مدعي تفسير أحلام يتواصل مع المتصلين من داخل استوديو صغير . لكن لو لم يكن هناك من يتابع هذه النوعية من المحطات “الكاذبة” والبرامج الرديئة، لما استمرت . فمن يتابعها ومن يشترك ببرامجها ولماذا؟ ومن يرفضها ولماذا؟، وما رأي رجال العلم والدين وأساتذة الإعلام في هذه الظواهر؟ أسئلة يجيب عنها هذا الملف الذي استطلعنا فيه آراء 50 شخصاً، وتوجهنا بأسئلتنا الى مجموعة أخرى من الناس والاختصاصيين . قنوات تنصب على الشباب باسم الحلال الزواج عبر الفضائيات "باطل" بعد أن ولى زمن الخاطبة التي كانت تسعى لتوفيق “رأسين في الحلال”، عادت مجدداً في شكل عصري وأصبحت الخاطبة “فضائية” تطل عبر قنوات عربية انتشرت بسرعة . وعلى الرغم من رفض كثيرين لهذه الطرق العجيبة في الزواج، إلا أنها تشهد إقبالاً جيداً ويقوم الشباب بإرسال المواصفات المطلوبة للعروس، ومثلهم تفعل الفتيات وترسلن مواصفات العريس، إلا أن الإجابة تأتي من موظفي القنوات الذين يقومون بتبادل الرسائل مع الراغبين في الزواج ومن ثم يستنزفون أموالهم من خلال الرسائل النصية التي تظهر على الشاشة . الملف إعداد - أحمد مصطفي: منهن مطلقات وفتيات بلغن الثلاثينيات من العمر أو حتى أصغر سناً، وشباب يحلمون بفتيات رومانسيات أو حسناوات أو صاحبات ثروة . . أكثر من عشر قنوات اتخذت أسماء توحي بالمضمون مثل “زواج” “وسيط الخير” “فرحة” “زفاف” وتعمل بلا مذيع وبرامج، والقناة عبارة عن استوديو صغير من الممكن أن يكون داخل شقة . وفي تجربة قامت بها “الخليج” عبر التواصل مع إحدى هذه القنوات لمعرفة مدى مصداقيتها، لم يتصل أحد من قبل القناة بمقدم الطلب من أجل إتمام الزواج حسب المواصفات التي تمت كتابتها في الرسائل النصية التي تبين أن تكلفتها تفوق الخمسة دراهم للرسالة النصية الواحدة . سألنا عدداً من الشباب عن هذه القنوات ومن يشاهدها وهل يقبلون الزواج من خلالها، فقال أكمل نور الدين موظف 25 عاماً: مشاهدتي لهذه القنوات لا تكون إلا عابرة من خلال التنقل بين المحطات، لكني أرفض تماماً المشاركة فيها ولا أقبل الزواج بهذه الطريقة، وأنا على يقين من أنها لا تسعى إلى فعل الخير وإنما هدفها المكسب والربح السريع من خلال الرسائل النصية التي يرسلها المشاركون . ويضيف: عموماً لا أعتقد أن زواجاً من هذا النوع ينجح لأنه غير قائم على أسس معروفة ولا مجال للتعارف بين الشريكين، إضافة إلى أن أسلوب الفتيات بعرض أنفسهن من خلال التلفزيون للزواج لا يتفق مع عاداتنا . أما آمنة هاشم 21 عاماً طالبة فتقول: أتابع هذه الفضائيات من حين إلى آخر لكن على سبيل التسلية، ولا أفضل المشاركة فيها لأنني أعلم أنها لن تؤدي إلى نتيجة حقيقية، خاصة وأن ملايين الرسائل ترد يومياً على هذه القنوات ومعظمها يكون من شباب باحثين عن التسلية فقط وليس الزواج . وتتابع آمنة: لو تقدم بي العمر أفضل أن أبقى عانساً على أن أهين نفسي وكرامتي بالبحث عن عريس من خلال القنوات الفضائية مهما كانت مواصفاته ومميزاته . ويقول وليد حارث مندوب مبيعات 26 عاماً تابعت أكثر من مرة هذه الفضائيات فوجدتها مجرد وسيلة لتضييع الوقت يشترك بها من يعاني الفراغ ولا أعتقد أنها جدية في التقريب بين الناس . ويضيف: الزواج بهذه الطريقة مرفوض تماماً، خاصة أنني لا أعلم أي شيء عن الزوجة ولا عن أهلها ومن الممكن أن تكون بياناتها كاذبة، بينما الزواج بالطرق العادية والمعروفة هو الأفضل لأنه يضمن للطرفين كل ما يساعد على نجاحه . أما أدهم زياد 26 عاماً موظف في القطاع الخاص فيقول: انتشرت هذه الفضائيات بصورة كبيرة، ويبدو أنها مربحة نظراً للكم الهائل من الرسائل التي يرسلها الشباب والفتيات إليها، رغم اعتقادي أن ذلك غير صحيح وأن مرسلي هذه الرسائل قد يكونون من موظفي هذه المحطات . ويضيف: لم أفكر يوماً في الاشتراك بها لعلمي أن كلها نصب وخداع ويستخدمها بعض الشباب من أجل التسلية وليس بغرض الزواج، فالدنيا لم تضق بنا كي نذهب للفضائيات من أجل الزواج، فهناك طرق عدة يعرفها ويحترمها المجتمع . مثله ترفض هدى عبد الرحمن موظفة 27 عاماً الزواج بهذه الطريقة المختلفة عن العادات والتقاليد التي تعودنا عليها، لأن بها إهانة للمرأة التي تسعى للحصول على الزوج . وتتابع، المعروف لدينا أن الرجل هو الذي يبحث عن الزوجة المناسبة وليس العكس، لذلك أعتبر أن هذه الفضائيات تتوجه لمن لديه وقت يريد أن يضيعه لا للجادين الراغبين في الزواج . لكن ما رأي بعض الاختصاصين في الدين وعلم الاجتماع؟ يقول الدكتور نجيب محفوظ أستاذ علم الاجتماع في جامعة الشارقة: الزواج بهذه الطريقة غير صحيح ولا يتناسب مع العادات المعروفة لدينا فهو يؤثر في بناء المجتمع ويعمل على تغيير الثقافات في حالة إتمامه، أما غير ذلك فالرسائل التي يتبادلها المشاركون على هذه الفضائيات ما هي إلا مجرد وسيلة نصب وخداع من أصحاب القنوات . ويضيف: كثير من المقبلين على هذه المحطات غير جادين في البحث عن الشريك المناسب، وبالتالي يكون لهم أغراض أخرى كالتسلية، لأنه ليس من المعقول أن يمتنع من يريد الزواج عن الاستعانة بالمحيطين به للبحث عن العروس المناسبة فيلجأ للفضائيات للبحث عنها . ويطالب محفوظ بضرورة غلق هذه القنوات لأن تأثيرها سلبي على المجتمع وعلى الأخلاق والعادات العربية التي لم نر فيها من قبل زواجاً بهذه الطريقة الفضائية الحديثة التي تعتمد على النصب واستنزاف أموال الشباب والباحثين عن الزواج بهذه الطريقة . يرفض إبراهيم عبيد المشرف الاجتماعي وجود هذه الفضائيات في العالم العربي، ويرى أنها طريقة في الزواج نهايتها الفشل وعدم الاستمرارية في الزواج، لأن عاداتنا وتقاليدنا العربية لا ترضى بمثل هذه الفضائيات التي تروج لمفاهيم مختلفة عن ثقافتنا، وبالتالي دورها في التأثير بالمجتمع سيكون سلبياً ويطالب عبيد وسائل الإعلام الأخرى الجادة والهادفة بمحاربتها، لأنها أصبحت تهين المرأة وتجعلها سلعة تجارية عن طريق الرسائل النصية التي يرسلها المشاركون فيها، لافتاً إلى ضرورة وضع ضوابط بالنسبة لعملية بثها . ويضيف عبيد: هذه الفضائيات هدفها الأساسي الربح وليس المصلحة العامة، خاصة أن الزواج عن طريقها يكون غير متوافق حيث لا مجال للتعارف بين الطرفين، وغالباً ما يكون المتقدمون من دول مختلفة، وبالتالي تصعب عملية التواصل مع الأهل، والسؤال عن النسب والأصل . من جهته يوضح الداعية الدكتور أحمد سعيد أن الدين الإسلامي يرفض ما تقوم به هذه القنوات لأنه يتمثل في الباطل والوهم للشباب والفتيات ولا يقصد منه الزواج الحقيقي، وبالتالي تدخل هذه المسائل في شبهة الحرام “وما بني على باطل فهو باطل وحرام”، لذلك تجعلنا هذه القنوات ندخل في جدل حول ما تقوم به لاختيار شريك الحياة الذي من المفترض أن يكون معلوماً لدى الجميع ولا يأتي من الفضائيات . ويضيف: هناك طرق عدة للزواج والدنيا لم تضق بنا لنبحث عن الشريك أو الشريكة من خلال الفضائيات، فالأهل أو الأصدقاء من الممكن أن يأتوا بالزيجة المناسبة ذات السمعة الطيبة التي نعلم كل شيء عنها وعن أهلها، أما زيجات هذه الفضائيات فلا أحد يعلم عنها شيئاً . ويتساءل سعيد كيف ترضى المرأة أن تهين كرامتها وتعرض نفسها كسلعة على الفضائيات باحثة عن الزوج، فهي بذلك تهدر تعاليم الدين، لأنها تعرض نفسها على الغير دون ولي أمرها . تغري المشاهدين ولا تحقق أحلامهم "المسابقات" تستنزف العقول والجيوب بداخل شقة صغيرة أو غرفة لا تتعدى مساحتها الأربعة أمتار يظهر مذيع يشعرك أننا في “مولد” أو مذيعة جميلة تغري المشاهد بملابسها وحركاتها من أجل الاشتراك في المسابقة، ليس من أجل الحصول على معلومة أو فائدة لكن من أجل استنزاف أمواله من خلال الاتصال والاستمرار في المكالمة على الهاتف لمدة تصل إلى 10 دقائق يكون المشاهد فقد فيها رصيد هاتفه المتحرك . من خلال الحركات المستفزة للمذيعة التي تتحدث بأسلوب غير لائق وبدلال غير مقبول، تطرح الأسئلة الساذجة التي يستطيع أي مشاهد الإجابة عليها بسهولة، وبالتالي تزيد فرص الاتصال ومتابعة الحلقة، وهي وسائل تغري المشاهدين خاصة الشباب بتحقيقهم أرباحاً تبلغ الآلاف والملايين بالإضافة إلى الفوز بالشقق والسيارات الفارهة، لكننا لم نسمع عن أي رابح حصل على جائزته من هذه القنوات . انتشرت هذه القنوات المتخصصة في المسابقات، وانضمت إليها بعض قنوات الأغاني والمنوعات والتي خصصت أكثر من 6 ساعات لهذه المسابقات . سألنا عدداً من المتابعين لهذه القنوات خاصة من الشباب عن أسباب المشاهدة وما إذا حاولوا الاشتراك في المسابقات وهل فاز أحدهم بجوائز في هذا التحقيق . أحمد خليفة (طالب) يقول بسبب هذه المسابقات خسرت 100 درهم دفعة واحدة من رصيدي مقابل الاتصال بقناة “ميلودي تريكس” للإجابة عن أحد الأسئلة، لأن الجائزة كانت سيارة فارهة يقدر سعرها بأكثر من مائتي ألف درهم، ومن بعدها ندمت . ويضيف: انتظرت على الخط مدة وصلت إلى نصف ساعة بعدها تم تحويلي إلى الكمبيوتر للإجابة على الأسئلة رغم أن الإجابة كان من المفترض أن تكون من خلال المذيعة إلا أن ذلك لم يحدث، ولم أفز طبعا، ولم أشارك من بعدها في هذه القنوات أو حتى أشاهدها . أما عمر عياد (طالب) فيقول: متابعتي لهذه القنوات تكون على سبيل التسلية ولملء الفراغ فقط، لكن المشاركة فيها لن تحدث ليقيني أنهم غير صادقين ولم أر أحد من قبل شارك فيها وحصل على أي جائزة . ويضيف: أنا واثق من أن هذه المحطات تضحك على المشاهدين ولا تعطيهم أي جوائز بدليل أن أحد أصدقائي اشترك فيها أكثر من مرة ولم يفز . وتتعجب أم أكرم “ربة منزل” من هوس ابنها ذات 18 عاماً بهذه القنوات وكيف يصرف عليها مبالغ كبيرة من خلال الاتصال، لاعتقاده أنه سيفوز بسيارة “بي أم دبليو” التي اعتقد أنها بقيت ولم يفز بها أحد . وتضيف أم أكرم: مؤخراً أخذت هاتفه المتحرك وقمت بحذف هذه القنوات كي لا يشاهدها ، وبالفعل بدأ يستجيب عندما لاحظ أنه لن يحقق أي نتيجة من خلال الاتصال بها وأن ما يحدث ما هو إلا خداع . ويقول ميحد حمدان (موظف): هذه الفضائيات تلعب بعقول كثير من الشباب والكبار ولا هم لها إلا الحصول على الأموال بأي طريقة ودون مقابل، وللأسف يشترك بها كثيرون لأن عاطفتهم تتجه نحو المكسب السريع . ويضيف: لا أتابع هذه القنوات لعدة أسباب أهمها تفاهة الأسئلة التي تطرح وكذلك شكل المذيع أو المذيعة فهم أقرب إلى البهلوان المضحك . وتقول نورا سراج (طالبة ماجستير): هذه القنوات تستخف بعقول كثير من الشباب ولا يهمها حصولهم على جوائز، وتجني من ورائهم الملايين بفضل مكالمات المتصلين ذات التكلفة المرتفعة وتواصل: أختي الصغيرة تتابع هذه القنوات وقد حذرتها كثيراً منها لكن دون فائدة، وفي المقابل أحاول منعها من المشاركة فيها حتى لا تكون ضحية لهؤلاء . ولمعرفة رأي الإعلام وعلم النفس، توجهنا إلى الدكتور نشأت الأكطش أستاذ الإعلام في جامعة الشارقة الذي أكد أن هذه القنوات تهدف إلى تحقيق الربح بطريقة سريعة وبسيطة، من خلال المذيعة التي تعرض جسدها على الشاشة وتتعمد إثارة المشاهد، وهو ما يظهر من خلال الأسئلة التافهة التي تطرحها . ويضيف: كثير من المشاهدين يتحفزون للفوز نظراً للمبالغ التي تقدمها هذه القنوات فتصل في معظم الأحيان إلى الملايين، وبالتالي يهتم بها الشباب من أجل الثراء السريع ويلهثون وراءها حتى ولو كان ذلك سيكلفه الكثير، رغم أن المتصل بإمكانه الإجابة عن الأسئلة، إلا أن المذيع أو المذيعة يضع كثيراً من العقبات أمامه كي يطيل فترة الاتصال . ويطالب الدكتور نشأت بضرورة وضع ضوابط لمثل هذه القنوات التي تستنزف عقول وأموال المشاهدين وتلعب على وتر المكسب السريع، لكنها في النهاية كاذبة ولا تقدم أي جوائز، ومن يظهرون عليها ويؤكدون أنهم فائزون ربما يكونون من العاملين فيها . ويوافقه الرأي الدكتور طارق قاسم أستاذ علم النفس الذي يعتبر أن هذه القنوات تلعب على وتر المكسب وتحقيق الربح السريع لدى جمهور الشباب في الوطن العربي، حيث إن كثيراً منهم لديه ثقافة الاستسهال في الحصول على الربح السريع وبالتالي يلجأ لهذه القنوات . ويضيف: كثير ممن يشاهدونها ربما يكونون عاطلين عن العمل أو راغبين في الثراء السريع، وبالتالي يكونون مشدودين للمشاركة فيها ومتابعتها من أجل المكسب الذي على الأغلب لن يحصلوا عليه. إقبال الناس عليه دفع البعض إلى استغلاله تفسير الأحلام تجارة تلفزيونية “عايز تفسر حلمك اتصل على الرقم . . . .” تلك العبارة تتردد في فضائيات وبرامج تفسير الأحلام التي حولت علم تفسير الأحلام إلى تجارة تجذب بها المشاهدين وتستنزف أموالهم من خلال الاتصالات، واللافت ارتفاع نسبة مشاهدتها، وهو ما يظهر من خلال الفواصل الإعلانية وقت هذه البرامج . الغريب أن معظم الفضائيات يقدم هذه البرامج ويعتمد فيها على مفسرين ليست لهم علاقة بهذا العلم، ويعتمدون نمطاً محدداً في الإجابة عن المشاهدين وأغلبها تكون “الخير قادم لك في خلال أيام إن شاء الله”، وهو ما يجعل المشاهد يشعر بالارتياح . تعتمد هذه القنوات في تحقيق أرباحها، على الرسائل النصية القصيرة التي يرسل من خلالها المشاهد حلمه لتفسيره، ومن خلال الاتصال على أرقام خاصة بالبرنامج تكلفتها تكون أعلى من التكلفة العادية للاتصال ومن الممكن أن ينتظر المتصل لفترة تتجاوز العشر دقائق كي يرد عليه أحدهم، ما يؤدي طبعاً إلى ارتفاع قيمة المكالمة، أما من يرسل طلبه لتفسير حلمه عبر البريد الالكتروني، فلا يجد رداً على طلبه، لأن الرسائل الالكترونية لا تدر أرباحاً على القناة . كثير من المشاهدين لجأوا إلى من يفسر أحلامهم، حتى إن أحد المفسرين قال في برنامج يقدمه على فضائية عربية إنه كان يعرف مسبقاً أن وفاة الممثل علاء ولي الدين قريبة بسبب الأحلام التي كان يرويها له الفنان الراحل . ورغم نسبة متابعتها العالية، إلا أن كثيراً ممن يشاهدونها يرون أن ما يقدم ليس صادقاً دائماً وأن معظم المفسرين يرددون كلامهم بحكم الخبرة، فمن رأى “قطة” في منامه فهي دليل على الخير القادم، ومن رأى “كلباً” فهو عدو قريب يريد أن يصل إليه، وبذلك تحول التفسير من علم يفسر الرؤية حسب طبيعة الشخص وأحواله إلى مجرد قواعد حسابية توضع نتائجها بعد الرؤية . سألنا مجموعة من الناس حول أسباب متابعتهم لهذه البرامج كما توجهنا لآخرين بالسؤال عن أسباب رفضهم لها في هذا التحقيق . تقول ألفت همام “ربة منزل” أتابع برامج تفسير الأحلام على محطات عدة، وكثيراً ما كنت أقوم بالاتصال بها، لكنني لاحظت أن كل الأحلام التي تفسر تكون وردية وتبشرني بالخير ولم يقل لي أحد ممن اتصلت بهم إن هذا الحلم دليل شر، أو أن هناك شيئاً ما سيحدث، لذلك وبعدما صدقت بعض التفسيرات، وجدت أن في الأمر نوعاً من الدجل . وتضيف ألفت: الآن أصبحت مشاهدتي لهذه القنوات من باب التسلية، لأنني لم أعد أصدق ما يقال وأرفض الاتصال بهم ثانية، وبدأت أعتمد في تفسير أحلامي على الكتب المعروفة لكثير من علماء الدين . بدوره يقول ماجد حسين موظف إن متابعة هذه النوعية من الفضائيات خلقت عنده شغفاً دائماً لتفسير أحلامه فقام بالاتصال بها كثيراً رغم أنه في كل مرة يكلفه الاتصال مبلغاً يفوق ال10 دراهم، وينتظر على الهاتف لفترة طويلة حتى يتم توصيله بالمفسر وبالتالي تستنزف أمواله، وعندما يروي رؤيته للمفسر يبشره بالخير وتحسن الأحوال مهما كان الحلم . ويضيف: في الوقت الحالي لا أتابع هذه القنوات إلا نادراً، لكن هناك أحد المفسرين تعرفت إليه ويفسر لي أحلامي دون مقابل، وأثق جداً في تفسيره ولم أعد بحاجة “لمشعوذي الفضائيات” . وعلى العكس تماماً تؤكد ميساء صفوت موظفة، أن مفسري الفضائيات صادقون في تفسير الأحلام، نافية أن يكونوا مشعوذين أو دجالين، وتضيف: أتابع بانتظام برامج تفسير الأحلام على كثير من الفضائيات العربية، وخلال مقارنتي فيما بينها، وجدت أن كثيراً منهما صادق في التفسير . وتتساءل ميساء: ما الفائدة التي ستعود عليه لو كذب على المشاهد وفسر له حلمه بالخير وهو غير ذلك، فالمفسر يتخذ من الوقائع والدلائل التي يرويها له صاحب الرؤية وبالتالي يعطي له التفسير . أحمد راشد طالب جامعي يرفض هذه البرامج ويعتبرها نوعاً من الخداع والتضليل من أجل جذب كثير من المشاهدين بغرض المكسب المادي من الإعلانات، وبالتالي لا يهم كثير من هذه البرامج صدق ما يقدم عليها بقدر ما يهمها الربح العائد . ورغم حاجته لتفسير أحلامه إلا أن أحمد يلجأ دائما إلى الإنترنت أو كتاب موجود لديه ولا يكلفه أي أعباء مثل مكالمات الفضائيات والرسائل النصية . * ماذا يقول علماء الدين وأساتذة الإعلام في هذه البرامج؟ يرى فضيلة الشيخ يوسف وسيم مفسر الأحلام بقناة “نور دبي” أن كثيراً من القنوات العربية حولت علم تفسير الأحلام إلى تجارة من أجل جذب أكبر قدر ممكن من المشاهدين، وبالتالي ظهر مفسرون لا يعلمون كثيراً في الدين يفسرون الأحلام بطرق مختلفة، ما يعتبر خداعاً للمشاهد . ويضيف: أن هناك ضوابط يجب أن تكون موجودة في المفسر، وليس من السهل على أي شخص أن يفسر الأحلام مهما كان علمه بأمور الدين، فلا بد أن يعلم أمور الشريعة والحديث والتفسير وأن يكون حافظاً للقرآن الكريم ولديه الخبرة، كما أن هناك ضوابط أخرى وضعت في كتب المفسرين الكبار . من جانبه يقول الداعية الإسلامي عبد الله موسى إن تفسير الأحلام موجود في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، وهو علم مهم بالنسبة لكثير من الناس، لكن المشكلة أن هناك من يستغل ذلك ويحوله إلى دجل وشعوذة ونصب على الناس وجلب الأموال منهم بطريقة أو بأخرى . ويضيف: يتحول المفسر إلى واعظ بأمور الدين وذلك من أجل الشهرة وكسب المال، على أساس أنه عالم في تفسير الأحلام، وهو ليس بذلك، وبالتالي نجدهم يبتعدون عن التفسير الصحيح للأحلام ويتحول الأمر إلى مجرد “بزنس” على هذه الفضائيات . ويوضح موسى أن هناك شروطاً عدة يجب أن تتوفر في مفسر الأحلام وهي أن يكون عالماً بالكتاب والسنة النبوية الشريفة، وذا ثقافة دينية واسعة، رافضاً أن يفسر الأحلام أي شخص ملم ببعض علوم الدين لأنه في هذه الحالة سيتحول إلى مردد لبعض الأحلام وتفسيرها على أساس الخبرة وليس على أساس ديني صحيح . ويطالب موسى بضرورة توعية أفراد المجتمع وتحذيرهم من المفسرين الذين يستغلون الدين في النصب على الناس، خاصة أن المفسر لا بد أن يعرف الشخص وكل شيء عنه وهل هو على إيمان أم لا وتأديته للعبادات ومن ثم يكون التفسير، وليس على أسس الدجل والشعوذة التي يقوم بها كثير من مفسري الفضائيات . أما الدكتور صادق الحمامي أستاذ الإعلام في جامعة الشارقة فيقول: هذه الفضائيات والبرامج روجت لمفهوم “سلعنة الإعلام” من خلال البحث عن مكسب مادي بأي طريقة ولو كانت بالضحك على المشاهدين، وهذا ما يجعلنا نطالب بضرورة وجود آليات لتنظيم الإعلام في العالم العربي، ووضع ضوابط لهذه الفضائيات التي تظهر يومياً . ويؤكد صادق أن هناك دوراً مهماً لوسائل الإعلام الأخرى لإرشاد الناس من نصب ودجل معظم هؤلاء المفسرين الذين يظهرون من أجل الشهرة وجمع المال، إضافة إلى دور المدرسة والتعليم والنخبة الثقافية في توعية الناس من مثل هذه الفضائيات علماً أن البرامج والقنوات الصادقة فيما تقدمه قليلة . الدكتور إبراهيم الشمسي أستاذ الإعلام في جامعة الإمارات يرى أن فضائيات وبرامج تفسير الأحلام أصبحت تعتمد على كيفية الحصول على الربح المادي من الإعلانات لأن هذه البرامج تحظى باهتمام بالغ من المشاهدين، إضافة إلى الشهرة التي يحققها المفسرون، حيث يجذبون أكبر عدد ممكن من المتابعين لهم . ويؤكد الشمسي أن إغلاقها لن يكون بالأمر الهين نظراً لأننا في عصر الفضائيات المفتوحة التي من الممكن أن تبث من أي مكان وتصل إلى من تريد لأن أصحابها هدفهم الربح المادي . ويطالب بضرورة توعية أفراد المجتمع من خطر هؤلاء الذين يتاجرون بالدين وبعقول الناس تحت مسمى تفسير الأحلام، خاصة أن معظمهم يدخلون في دائرة الدجل والشعوذة من أجل المال والشهرة. استطلاع شمل 50 شخصاً من فئات وأعمار مختلفة الأحلام والجوائز تجذب 72% من المشاهدين امتلأت الفضائيات العربية ببرامج وقنوات المسابقات وتفسير الأحلام والزواج . . واللافت أن نسبة متابعة هذه القنوات والبرامج كبيرة، وإن كان “تفسير الأحلام” يحظى باهتمام أكبر من قبل المشاهدين . من خلال استطلاع أجريناه على 50 شخصاً من مختلف الأعمار حول متابعتهم لهذه البرامج وهل يستفيدون منها أم لا وهل يفضلون استبدالها؟ تبين أن 36 شخصاً من أصل 50 أي نسبة 72% يشاهدون على الأقل إحدى هذه القنوات ويتابعون هذه النوعية من البرامج، مقابل 28% لا يشاهدونها . ومن أصل ال 36 شخصاً هناك 50% لا يتابعون قنوات وبرامج المسابقات و38% يشاهدون “تفسير الأحلام” و22% يشاهدون الزواج . 42% ممن لا يشاهدون هذه القنوات والبرامج وعددهم 14 شخصاً، وصفوها بالكاذبة و28% رأوا أنها تافهة ومثلهم 28% أيضاً أكدوا أيضاً أنهم غير مهتمين بمشاهدة هذه القنوات والبرامج أو معرفة ما تقدمة . والأهم أن نسبة 78% ممن أكدوا أنهم لا يشاهدونها يطالبون بضرورة إغلاقها في حين 42% من هؤلاء لا يعرفون ما يعرض على هذه القنوات .في حين أنه لم يقر أي شخص من بين من شملهم الاستطلاع بأهميتها أو بأن وجودها ضروري . ومن أبرز ما كشفت عنه نتيجة الاستطلاع أن 57% يطالبون باستبدال هذه القنوات بأخرى رياضية و28% يطالبون باستبدالها بقنوات الدراما والنسبة نفسها يطالبون باستبدالها بقنوات الأفلام، بينما انقسمت الأصوات الباقية مناصفة وبنسبة 14% لكل فئة ما بين من يفضلونها دينية أو إخبارية . أما ال36 شخصاً الذين يشاهدون هذه النوعية من الفضائيات فتبين أن 22% منهم يتابعون قنوات وبرامج “الزواج”، وقال 19% منهم إنهم يتابعونها كنوع من الفضول، واعتبر 19% أن الزواج من خلالها غير ناجح مقابل 5% فقط اعتبرت أنه قد يكون ناجحاً، وتبين أن 16% من هذه العينة مازالوا يفضلون الطرق التقليدية في اختيار الزوجة من خلال الأهل، بينما لا يمانع 5% من اختيار الشريك من خلال فضائيات الزواج، وأن النسبة الأكبر من هؤلاء أي 19% فيفضلون انتظار الصدفة لتضع في طريقهم شريك الحياة . أما بالنسبة لمن يشاهدون قنوات المسابقات المختلفة فهم 14 شخصاً أي 38% من إجمالي المستطلعين وتراوحت أعمارهم ما بين ال 16 و،25 والغريب أن النسبة الأكبر منهم يشاهدون هذه القنوات ولا يشتركون في مسابقاتها ونسبتهم 47% . أما الذين يشتركون في هذه المسابقات فهم 8% فقط . في حين أن 33% من الأشخاص اعتبروا أن القنوات غير صادقة في منح الجوائز أو وجود فائزين حقيقيين بينما اعتبر 5% فقط أنها قد تكون صادقة في تقديم الجوائز . أما ما هي القنوات الأكثر مشاهدة من قبل المستطلعين والتي تقدم هذه النوعية من البرامج فجاءت أعلى النسب لقنوات “مزيكا” و”سترايك” و”ميلودي” بالتساوي 13% فيما نالت برامج المسابقات الموجودة على قناة “إم بي سي” 11% وقناة “تر يكس” 5% . فضائيات وبرامج تفسير الأحلام كانت نسبة مشاهدتها الأعلى من بين هذه القنوات وحصلت على 15 صوتاً من أصل 36 أي نسبة 41% وقال 22 شخصاً يمثلون 33% من المتابعين لهذه القنوات والبرامج، إنهم يستفيدون منها ويصلون إلى تحقيق التفسير الصحيح لأحلامهم عن طريقها، في حين أن 19% منهم اتصلوا بهذه القنوات وحصلوا على المعلومة التي يريدونها، و16% من هؤلاء لم يتصلوا بهذه البرامج واكتفوا بمتابعتها، وكانت نسبة من رأوا أنها صادقة في التفسير ولا تدخل في إطار الدجل والشعوذة 25%، في حين أن نسبة 2% رأوا أن فضائيات تفسير الأحلام غير صادقة . أما ترتيب القنوات فكانت نسبة متابعة برامج تفسير الأحلام عليها كالتالي: قناة “سما دبي” 16% و”الراي” 11% و”المحور” 8% و”نور دبي 5”% و”المجد”2% . وفيما يلي بعض نماذج مما جاء في ردود عدد من المشاركين في الاستطلاع: في البداية يقول أحمد الظاهري (طالب) أنه لا يشاهد هذه القنوات التي يرى فيها نوعاً من النصب والخداع على المشاهدين، خاصة قنوات المسابقات والزواج، معتبراً أن الحال لم يصل بنا إلى أن نتزوج من خلال القنوات الفضائية، أما قنوات المسابقات فيرى أنها غير صادقة في تقديم الجوائز وأن ما تقوم به نوع من اللعب بعقول الباحثين عن المال . وبسؤاله عما إذا كان يعرف ما يعرض على هذه القنوات قال: لا أعرف ما يعرض عليها ولا أريد أن أعرف، مطالباً بإغلاقها واستبدال القنوات الرياضية والدينية بها . أما محمد أنس (طالب في كليه الهندسة) فقال إنه يشاهد فضائيات وبرامج تفسير الأحلام، لكن المعروف منها فقط والقناة التي يثق بها مثل “سما دبي”، ويرى أنها مفيدة وتقدم له ما يريد من تفسير للأحلام ويشاهد أيضاً قنوات المسابقات ويفضل متابعة “قناة ميلودي” رغم أنه لم يشترك في إحدى مسابقاتها من قبل، على الرغم من ثقته بأنهم صادقون في منح الجوائز للفائزين . وتقول شيماء خلف (موظفة 23 عاماً) إنها تشاهد قنوات الزواج وتفسير الأحلام محاولة منها لاختيار شريك الحياة في الوقت الذي لا تمانع فيه من أن يكون الاختيار عن طريق الأهل باختيار الأهل أو من خلال الصدفة . أما بالنسبة لقنوات وبرامج تفسير الأحلام فهي تشاهد برنامج “رؤيا” على قناة نور دبي، وتؤكد أنها تستفيد منه وقد اتصلت به من قبل للتفسير، وصدق فيما قال . أما ليلى المغربي( 28 عاماً موظفة) فتقول إنها لا تفضل الزواج من خلال هذه الفضائيات معتبرة أنها غير صادقة وليست لها علاقة بالعادات والتقاليد وتترك فرصة الزواج للصدفة، أما بالنسبة لقنوات تفسير الأحلام فهي تشاهدها لأنها لن تحقق منها أي فائدة معتبرة في الوقت نفسه أنها مجرد تسلية . وتضيف: أتابع قنوات “ميلودي” للمسابقات، لكنني لم أشترك بها أبداً رغم أن إحدى الزميلات اشتركت بها دون أن تحقق الفوز . ويقول إبراهيم رمزت (مندوب مبيعات23 سنة) إنه لا يشاهد هذه القنوات لأنه يعتبرها تافهة، خاصة تلك التي تهتم بالزواج، حيث يرفض الزواج بمثل هذه الطريقة لأنه قسمة، ولا يمكن أن يكون عن طريق الفضائيات، أما عن قنوات تفسير الأحلام فيقول: أعتقد أنها تتنبأ بالمستقبل وهذا حرام ومرفوض ولذلك لا أحب مشاهدتها أو البحث عنها، وبالنسبة لقنوات المسابقات يرى أنها غير صادقة في منح الجوائز، ولذلك لا يشاهدها ولا يهتم بها مطالباً بضرورة إغلاقها واستبدال القنوات الرياضية بها . ماجد قرواش (طالب) يقول إنه يشاهد قنوات المسابقات وتفسير الأحلام، أما الزواج، فلم يحن وقته بعد وعن قنوات وبرامج تفسير الأحلام يقول: أشاهد برنامج “عسى خير” على قناة “سما دبي” وهو صادق فيما يقدمه وأرى به أشياء نافعة ومعلومات مهمة، وعن المسابقات يقول: كنت أشاهد برنامج “القوة العاشرة” على قناة “إم بي سي” لكنني لم أشترك به فأنا أشاهده من أجل التسلية . بينما يرى ماجد أنهم غير صادقين في منح الجوائز، وأن هذه المبالغ مقدمة من أجل إغراء المشاهدين ويقول جمعة القيزي (طالب) إنه لا يتابع أياً من هذه القنوات والبرامج ويعتبرها غير مهمة ولا تقدم له أي فائدة، ويطالب بضرورة إغلاقها خاصة قنوات المسابقات لأنها نصب وخداع للجمهور ولا تقدم الجوائز إلا لفئة معينة من الناس، ويجب استبدال قنوات الدراما والأفلام بها.