2012/07/04
باسل أبوحمدة – البيان
يعتبر المسرح المدرسي بصفته وسيلة تربوية وركيزة هامة من ركائز الأنشطة المدرسية التي تسهم في نمو شخصية الطالب فكريا وبدنيا وتساعد على تنمية شخصية واعية قادرة على صهر النظري بالواقع العملي ومواجهة المواقف الحياتية دون وجل، لكن هل يقتصر المراد من المسرح المدرسي على الجوانب التربوية والتعليمية التي تطول قائمتها؟ بالطبع لا، ذلك أن المسرح المدرسي يلعب أدوارا أخرى لا تقل أهمية عن تلك الجوانب، فالطلبة يجدون في مسرحهم المتعة وإمكانية تجسيد هواياتهم المتنوعة على الخشبة، فضلا عن تنمية الثقافة البصرية لديهم والارتقاء بذائقتهم الجمالية من خلال الفرجة ومحاكاة ما يعرض أمامهم من أفكار وقضايا، ما يتيح لهم فرصة المشاركة في الحياة العامة والتعبير عنها مسرحيا، مثلما يمهد الطريق أمام اتساع دائرة جمهور المسرح وضخ دماء مسرحية جديدة فيه.
الفعل اللغوي
الكثيرون من النقاد والمسرحيين والتربويين يعتبرون أن الرابطة الوثيقة التي تجمع بين المسرح المدرسي وبقية الفنون مثل الموسيقى والفنون التشكيلية تشكل جوهر اهتمام الجهات المعنية به، فضلا عن وجود علاقة مباشرة بين الفعل المسرحي في الفضاء التربوي مع باقي برامج وأنشطة المدرسة التربوية والعلمية والفكرية والحركية وحتى النطق، حيث يؤكد الفنان عدنان سلوم المدير الفني لمهرجان الشارقة للمسرح المدرسي، الذي تنظمه إدارة المسرح في دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة، أن المسرح المدرسي يساهم في نقل الطالب من مرحلة الخمول إلى الفعل الحركي اللغوي الذي يحترم البيئة الاجتماعية، ذلك أن الطالب يتعلم من خلال المناهج التقليدية في المدارس أن 1+1=2 ، لكنه مع وجود الدراما يكتشف أن 1+1=2، حيث لا يختلف اثنان على أن هذا الأسلوب المبتكر أجدى وأقوى من التلقين.
هذا على مستوى البناء المعرفي والفكري والحركي، لكن ثمة أبعاداً أخرى للمسرح المدرسي أيضا، من بينها موضوع التثقيف المسرحي وخلق جمهور مسرحي جديد ومتجدد وكذلك اكتشاف مبدعين جدد في وقت لاحق، حيث تتوخى الاستراتيجية التي وضعت لتطوير تجربة المسرح المدرسي مستويين الأول نظري يتعلق بترسيخ مفاهيم المسرح المدرسي والثاني عملي يتعلق بالورش العملية مع التربويين والمهتمين لتكوين كوادر متسلحة بالمعارف الضرورية وإمكانات القيام بمهامها، حيث تمت الاستفادة من المسيرة الممتدة للمسرح المدرسي في الدولة منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي ومن تجارب البلدان العربية حيث أصدرت (مجموعة مسارح الشارقة) العام الماضي كتاباً بعنوان (تجارب عربية في المسرح المدرسي).
التثقيف
كما اعتمد منظمو المهرجان في دورته الأولى والثانية على سياسة التثقيف والتكوين والتدريب من خلال الندوات والمحاضرات والورش، حيث يوضح عدنان سلوم أن الأمور أخذت في الدورة الأولى منحى نظريا استكشافيا راح يشق طريقه نحو التطبيق العملي مع الدورة الثانية، ويقول: (بدأنا بورشة تحضيرية، حاولت أن تجيب على سؤال: كيف للمشرف المسرحي في المدرسة أن يخرج مسرحية من التأليف إلى العرض، ومن ثم رحنا نفتح ملفات يتم فيها توثيق التفاصيل التي تمر فيها كل تجربة مسرحية مدرسية على حدة، ثم تم ارسال منشطين للمدارس لمتابعة العروض وتطويرها، حيث تم لأول مرة تخصيص وقت للتدريب المسرحي أسبوعيا، وظهرت بعض الصعوبات في تحديد مواعيد التدريب).
وكانت لجنة المشاهدة المنبثقة عن المهرجان قد بدأت عملها منذ شهور، لكن هدفها لم يقتصر على تقييم العروض واختيارها، وإنما شمل كذلك توفير الدعم الفني لها من خلال ندوات تطبيقية كانت تعقد بعد مشاهدة كل عرض من تلك العروض، لكن عمل منظمي الدورة الثانية لم يتوقف عند مرحلة الاستعداد والتنفيذ، بل طال كذلك القيام بجمع المعلومات حول انتاج المسرحيات أثناء المهرجان نفسه، حيث يتم استكمال ملف كل فرقة على أن يتضمن التفاصيل المتعلقة بكل مسرحية.
العروض
في ما يتعلق بسوية العروض التي احتضنتها الدورة الثانية ، يرى المدير الفني للمهرجان أنها تأرجحت بين الممتاز والجيد والضعيف وذلك ارتباطا بالاستعدادات والتعاون وتكاتف الجهود ومدى رغبة المدرسة في المشاركة، لكنه يؤكد كذلك أن النتيجة جيدة والنسب متقاربة، خاصة وأن المهرجان كسب مجموعة جديدة من المدارس والناس المهتمين بالمسرح وكذلك المتفرجين الجدد.أما الطابع الذي اتسمت به المسرحيات المشاركة في المهرجان، فقد كان عالميا وعربيا ومحليا، ومنها ما كتب بالكامل في المدرسة وتعالج هموما مدرسية وعلمية واجتماعية تجاوب معها الطلبة بشكل ممتاز سواء كانوا مشاركين أو متفرجين، فضلا عن أن بعض الطلبة استهوته فكرة زيارة المسرح بحد ذاتها حتى لو لم يكن هناك عرض مسرحي.