2012/07/04
خمس الحواس – دار الإعلام العربية
وتدافع د.أسما حسين حافظ، أستاذ الإعلام بجامعة الزقازيق، عن أجهزة الإعلام الرسمية قائلة: «إن القنوات التلفزيونية الرسمية استطاعت في
السنوات الأخيرة أن تطور من نفسها في جوانب العمل الإعلامي، من حيث التغطية وعدد المراسلين والتقنيات الحديثة في الاستوديو
وأضافت: مهما تألقت القنوات الفضائية المستقلة واستطاعت أن تجذب المشاهد ببريقها الزائف، فإنها تتسم غالبا بالإثارة والمبالغة وعدم
المصداقية؛ لذلك فإن القنوات الرسمية هي التي تلعب دور ترسيخ القيم والمبادئ في المجتمع، وستظل هذه القنوات هي الأصل من وجهة نظر المشاهد.
وتحدثت د. أسما عن «تحديات كبيرة» تواجه القنوات الرسمية في مواجهة القنوات الفضائية، ما يجعلها دائما في حالة منافسة مستمرة؛ لكي
تقوم بدور إيجابي في عرض ومناقشة القضايا المثارة على الساحة العربية والدولية بصورة موضوعية حيادية تستطيع أن تجذب المشاهد بهذه المصداقية
، ومن ثم فإن وجودها المستمر للتغطية الإخبارية في موقع الأحداث للمراسلين على القنوات الفضائية يجعل لها السبق في التغطية.
كما يجب أن تكون لديها استجابة للتحديث المستمر لتتماشى مع عصر التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، وهذا يُحمِّل هذه القنوات مسؤولية كبيرة
في حسن اختيار القائمين على الاتصال مع تدريبهم وتأهيلهم لمواكبة تحديات العصر، كما يتوجب على القنوات الرسمية أن تحقق الرضا الكامل
بها من حيث المرتبات المجزية وتوفير كل الوسائل الحديثة التي تساعد على التميز عن القنوات الفضائية.
عشوائية الإعلام الرسمي
في المقابل يؤكد د.خالد صلاح الدين، أستاذ الإعلام بقسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة القاهرة، أن التلفزيون الرسمي ليست له أي تجربة، ويعمل
بشكل عشوائي، لذا يعجز عن مسايرة الفضائيات؛ لأنه مكبل بالفكر الحكومي، ولابد أن يعمل على تطوير نفسه من خلال تحديد الرسالة والرؤية والأهداف
والقيم، وهو يحاول مواجهة المد الفضائي فيطغى هذا على الرسالة والمضمون المقدمين.
وفي السياق نفسه يؤكد خليل العوامي، معد برنامج «من قلب مصر»، أن تجربة التلفزيونات العربية الرسمية بدأت تتلاشى من حيث قيمتها
وتأثيرها يوما بعد يوم، وقد ظهر هذا جليا خلال السنوات العشر الأخيرة مع انتشار الأقمار الصناعية وتزايد عدد القنوات الفضائية الخاصة، فالإعلام
الآن أصبح استثمارا وصناعة تخضع لأحكام السوق من عرض وطلب، ولا يوجد ما يلزم أي مواطن في أي دولة أن يشاهد تلفزيونا لا يقدم له ما يريد،
خصوصا في ظل وجود عشرات التلفزيونات الخاصة التي تقدم له كل ما يريد وأكثر.
وأضاف أن كل هذا يضع التلفزيونات الرسمية العربية في مأزق كبير، ويجب أن تتدارك موقفها وتعيد صياغة سياساتها الإعلامية، وتعمل بمقتضيات
العالم الجديد المفتوح، ولا بد أن تتسع مساحة الحرية داخلها، وتعيد رسم سياسات الإنفاق، وتحاول إعادة كسب ثقة المواطنين مرة أخرى بعد فقدها
بصورة شبه كاملة.
الانتفاضات الشعبية
أما شريف نافع، المدرس بقسم الصحافة بجامعة القاهرة، فيرى أن هناك تطورا يشهده التلفزيون المصري الرسمي في الوقت الراهن بعد ثورة 25
يناير، حيث أصبحت المواد الإعلامية تناقش قضايا حساسة لم تكن تناقشها من قبل، وعلى الرغم من ذلك لا يزال التطور محدودا، ولا يوجد إقبال
جماهيري عليها؛ لأن هناك اعتقادا راسخا بأن هذه الوسائل حكومية وتعكس سياسة الحكومة، ولا تعكس هموم المواطن، وتعتبر مادة دعائية
فقط، ولذلك لا تستطيع مواجهة المد الفضائي، إلا إذا استعادت مصداقيتها وقدمت برامج جذابة تخرج من عباءة الأنظمة الحكومية، فالتلفزيون الرسمي
لا يزال في حاجة إلى موارد مالية وفكر إداري وإمكانات بشرية، بالإضافة إلى الإخلاص في العمل الذي يفتقده كثيرا.
بينما يرى د.علي عجوة، عميد كلية الإعلام الأسبق، أنه على الرغم من كل ما يؤخذ على قنوات التلفزيون الرسمي من بطء في متابعة الأحداث،
فإنها أكثر التزاما، وقلما نجدها في موقف نقد من جانب جهات أخرى، وذلك يرجع لما لديها من كوادر قوية ثابتة تستطيع مواجهة جاذبية
الفضائيات الخاصة، وليس عليها سوى تقويم الأداء الإعلامي الموضوعي الحرفي الدقيق للأحداث ومجريات الأمور، وعدم تجاهل وتأخير بث
الأحداث المهمة، وتقديم الرؤى التحليلية عن طريق المتخصصين والأكفاء، وإتاحة فرص التعبير عن الرأي والرأي الآخر، وعدم تجاهل رأي المعارضة، وعدم
اللجوء إلى الإثارة التي تبتعد عن المهنية الاحترافية.
وتؤكد د.منى الحديدي، أستاذ الإعلام بقسم الإذاعة والتلفزيون، أن عصر الإعلام الحكومي انتهى، ولابد من زيادة سقف الحرية بما يسمح بطرح كل
وجهات النظر المختلفة عند مناقشة أي قضية، وترى أنه لا ضرورة من وجود ميثاق شرف إعلامي حتى لا يشكل قيدا جديدا على الحرية.
المشهد يتكرر ثانية
ويقول د.بركات عبدالعزيز، أستاذ الإعلام، إنه بعد تطور التلفزيون في أواخر العشرينات من القرن الماضي، اعتبروا أن عصر الراديو انتهى، ولكن هذا
كان دافعا معنويًا لديه، واستجاب للتحدي واستطاع أن يصمد أمام التلفزيون، وهكذا يتكرر المشهد ثانيا ونجد التلفزيون المصري يواجه مدا فضائيا
عارما، فما كان منه إلا أن استجاب للتحدي واستطاع أن يطور من أداءه المهني، وإن اختلف السياق والاهتمام بحرفية الإعداد والتقديم، وأعاد
النظر في أجندته الإعلامية، واستطاع توظيف إمكانيات الصوت والصورة والكاميرات والضوء في التعامل مع الواقع، بالإضافة إلى التغييرات المفصلية في
الإدارة والتنظيم والإنتاج جعلته يقذف قذفة ملموسة في وجود موارد مالية وإدارية.
ويوافقه الرأي د.صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسي، في أن طبيعة التلفزيونات الرسمية تتسم بالحركة البطيئة وعدم القدرة على التواصل مع
الأشخاص، في حين نحتاج إلى السرعة والتنوع والتجديد، والقيادة بروح الفريق، بما يؤهل الجهاز الإعلامي الرسمي لاحترام عقلية المشاهد والتعبير عن همومه، بعيدا عن أهداف الساسة وأصحاب رأس المال؛ وذلك من أجل إيجاد قاعدة جماهيرية