2012/07/04
سونيا سفر – بلدنا
بخلاف الآخرين، اختار الفنان والمخرج المسرحي هشام كفارنة، أن يغير دفة شراعه من الدراما إلى المسرح، متوجهاً إلى خشبة المسرح لتكون بداية حقيقية لانطلاق مسيرته الفنية.. خلال هذه المسيرة، قدم كفارنة عدداً من الأعمال المسرحية كتابة وتمثيلاً وإخراجاً، كان آخرها مسرحية «طبق الأصل» التي تتحدث عن قصص واقعية متشابهة حدثت على مر التاريخ ومازالت تتكرر في حاضرنا.
وبعيداً عن المسرح، شارك في عدد من أعمال الدراما التلفزيونية، أغلبها يندرج ضمن الأعمال التاريخية.
«بلدنا» التقت الفنان هشام كفارنة وكان لها معه الحوار التالي:
¶ من خلال المسرحية الأخيرة التي قمت بإخراجها «طبق الأصل»، بدا وكأنكم تحاولون تسليط الضوء على الواقع بطريقة غير مباشرة ؟
يتضح من سياق العرض أن هناك دعوة لتفهم الأحداث التي مرت على الأمة، والتي شكلت منعطفات حقيقية بالنسبة إليها، فالمسرحية لم يكن الهدف منها قراءة التاريخ بحيادية وإنما الهدف هو القراءة الموضوعية لظروف أدت إلى حدوث كوارث أصابت أمتنا على مرّ التاريخ، حاولنا من خلال المسرحية أن نسلط الضوء على أسباب هذه الكوارث، لعلّها لا تتكرر كما كانت تتكرر وبشكل متشابه عبر التاريخ ..
«طبق الأصل» يتألف في الأساس من ثلاثة نصوص قمنا بإعادة صياغتها، وهذه النصوص هي (القضية، عودة هولاكو، الواقع صورة طبق الأصل)؛ اشتغلنا على هذه النصوص التي تتحدث عن تكرار السقوط، وكان علينا أن نستحضر محمود درويش خلال العرض وهو الذي كان ومازال بشعره شاهداً على العصر، بل هو المعادل المكافئ لحالات السقوط .. المعادل المرتبط بالمقاومة.
¶ كتب بعضهم أن «طبق الأصل» أجاد كتابة التاريخ وأهمل الحاضر ؟
هذه قراءة متواضعة لرسالة العرض المسرحي، فليس من الضروري أن يغوص المسرح في كل تفاصيل الواقع، وليس من المطلوب أن يتحدث بشكل مباشر عن ما يجري، فقد نتحدث عن حكاية حدثت من مئات السنين، ولكن في مضمون رسالتها، سيبدو كأننا نتحدث عن الحاضر ..لذا لا يمكن أن نتحدث بشكل مباشر وفج كما يريد بعضهم. من جهتي أكره هذه الأسلوبية أي المباشرة وأميل إلى لغة الإيحاء والدلالة.
¶ تسرق الدراما التلفزيونية الفنان من المسرح، لكن المسرح هو من سرقك من الدراما؟
هذا كان خياري؛ فأنا أجد نفسي في حضوري المسرحي، كما أن المسرح يتيح لي حرية الاختيار وانتقاء النص والمجموعة التي أعمل معها وكذلك يتيتح لي حرية التعبير، حرية اختيار الوسائل. ومن خلال كون المسرح مركباً أستطيع أن أرسم وأكتب وأشارك في رسم تفاصيل السينوغرافيا المسرحية بالديكور، كما أنني أمتلك مساحة واسعة للمشاركة بشكل حقيقي وإبداعي بينما في الدراما التلفزيوينة هذا غير متاح، فالأمر مختلف معها أي مع الدراما، حيث إننا محكومون بخيارات المخرج والمنتج لطبيعة المهنة، وهناك سبب آخر دفعني إلى اختيار المسرح هو أنه يجمع كل الفنون.
¶لكن الدراما تأتي للفنان بالشهرة والمال؟
بالتأكيد، فالفنان المسرحي مغمور مقهور، خاصة من ناحية تسويق العروض البائسة إلى حد كبير، ولكننا نحاول أن نقوم بتطوير هذه الآلية إلى حد ما وضمن المتاح. كما أن الدفء الذي يحققه المسرح عندما يرى الفنان نتيجة عمله، وهو في تماس مباشر مع الجمهور يغني عن الشهرة التي يسعى بعضهم إلى تحقيقها من خلال الدراما التلفزيونية .. هذه الشهرة التي قد يحصل عليها النجوم في حين لا ينالها من تتلمذ النجوم على أيديهم وأقصد هنا الأساتذة الذين يعملون في المسرح فقط؛ الأهم أن المسرح يحقق للفنان ألقاً لا يحققه أي نوع من أنواع الفنون.
¶ماالإجراءات التي تقومون بها لتطوير آلية العمل في المسرح؟
تمّت على سبيل المثال إعادة النظر في مكافآت الفنانين والفنيين.. فنحن نسعى دائما إلى أن نعمل ضمن حدود المعقول.
¶ هل وصل المسرح السوري إلى أن يقول ما لم يكن يستطيع قوله في السابق أم مازلنا ننتظر خطوات إضافية؟
سقف الرقابة مرفوع بشكل أكبر من السابق، إذا ما قارناه بحالته قبل عشرين عاماً مضت، وقد أصبحنا الآن قادرين على التعاطي مع النصوص المسرحية بحرية أوسع.
¶ يُقال إن جوّ المسرح أكثر نظافة من الدراما؛ بمعنى أن تلك النزاعات الحاصلة فيه غير موجودة في المسرح؟
معظم الكفاءات هجرت المسرح إلى الدراما، لذا نجد أن الاقتتال في المسرح أقل بكثير مما هو عليه في المسرح .. ليس هناك من صراع كبير أو قتال من أجل فرصة عمل في المسرح، كما أن المسرحيين يحافظون على كرامتهم؛ فهم غير مضطرين إلى تقديم تنازلات للحصول على فرصة بخلاف الدراما التي يحتاج الفنان للظهور فيها إلى توطيد العلاقات العامة مع الجهة الإخراجية أو الإنتاجية، ليحقق مايريد ؛ ربما العمل في المسرح أكثر سهولة، فهو لايحتاج إلى سفح ماء الوجه ليعمل الفنان فيه كالدراما التلفزيونية .
¶ كيف ترى المسرح السوري بعد 30 عاماً من العمل على خشبته؟
نحن بحاجة إلى المزيد من البنى التحتية، فنحن نمتلك المسرح القومي والتجريبي ومسرح الأطفال، ولكن ماهو في متناولنا هما فقط مسرحا القباني والحمراء..نتمنى أن يكون هناك عشرة مسارح إضافية بدلاً من أن نمتلك عدداً قليلاً جداً من المسارح، وهذا طموحنا الذي نعمل من أجله.
¶ عندما نحاول أن نتذكر كتّاب المسرح السوريين، نجد أن معظمهم من جيل الستينات والسبعينات. أما كتّاب هذا الجيل، فهم لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، حتى إن تجاربهم الكتابية لاتكاد تُذكر؟
الأمر لا يقتصر على كتاب المسرح فحسب، حتى على الروائيين والشعراء والمؤلفين وغيرهم، ولكن هذا لايعني أنه لا يوجد كتاب شباب لهم أهميتهم، لكن ما يحتاجون إليه هو تسليط الضوء عليهم لا كما هو حاصل، حيث يسلط الضوء على القدامى ويحجب هؤلاء الجدد رغم أن كل ماهم بحاجة إليه هو منحهم فرصاً لا أكثر ولا أقل؛ فهناك تجارب لم تكرس بعد، ولكن يبدو أن الإعلان والإعلام يسهمان في تسليط الضوء على القدامى دون جيل الشباب الذي يمتلك الكثير من الموهبة، وهذا لا يعني أنني أقلل من أهمية الكبار، ولكن هناك تجارب شابة تستحق الاحترام وعلى كل المستويات .
¶ قد يكون هناك تخوف من المغامرة بما سيقدم الشباب أحياناً؟
هناك أسماء جديدة تظهر في عالم الفن وإن كانت قليلة، كما أن مديرية الثقافة تستقطب فنانين من كافة الفئات العمرية، حيث إنه من المهم أن نتواصل مع الجميع أي مع الجيل الجديد ومع من كان لهم دور في المسرح، كي لا يكون هناك قطيعة بين الأجيال أو إلغاء جيل لحساب جيل آخر.