2012/07/04
زيدان الربيعي – دار الخليج
عاد مؤخراً إلى بلده العراق المطرب والأكاديمي العراقي المعروف سعدي الحديثي، وقد أقيمت له ندوة خاصة للترحيب فيه من قبل “ملتقى الخميس الإبداعي” وحضرها جمع هائل من محبيه ومن المعجبين بفنه الجميل، حيث قدم بعض أغانيه في الندوة وكذلك تحدث عن مسيرته الفنية والعلمية . “الخليج” استغلت وجوده وسجلت حواراً معه عن رؤيته لما يحصل في عالم الغناء وأمور أخرى . وتالياً الحوار:
ما جديدك؟
- لا يوجد لدي جديد في عالم الغناء، لأنني اتجهت إلى التدريس في دولة الإمارات في الجامعة الأمريكية قسم التراث الثقافي العربي، حيث إنني لست فناناً لأنتج أعمالاً فنية، بل أنا أقوم بكتابة الدراسات والبحوث والمقالات الفنية .
كيف تقول إنك لست فناناً وأنت تمارس الغناء ولديك هذا الكم الهائل من المعجبين في هذه القاعة على الأقل؟
- أنا منذ طفولتي أعبر عن مشاعري من خلال الغناء، لأنني نشأت في بيئة صحراوية وهذه البيئة كلامها الطبيعي يشبه الغناء أو الحداء بالنسبة لأهل البادية، لذلك فإن غنائي هو من هذا النوع وهو تعبير عن عواطفي، والحمد لله صوتي ما زال جيداً، لأنني أحرص عليه كثيراً، وأنا لا أغني إلا نادراً، حيث أقوم عندما أنهض من النوم صباحاً بالغناء لنفسي من أجل إرضائها وتطريبها .
كيف ترى الأغنية العراقية الآن؟
- حقيقة لا أريد أن أتكلم عن الأغنية العراقية، لأن الكلام عنها يثير الهموم والمواجع الكبيرة داخل نفسي .
لماذا؟
- لأنه لا توجد مسؤولية فنية ولا توجد مسؤولية أخلاقية ولا مسؤولية دينية ولا مسؤولية ثقافية من أي نوع، لذلك حتى الأغاني الجميلة التي يحرص بعض المطربين المساكين على تقديمها تتعرض للضياع وسط هذه الفوضى العارمة التي ضربت الأغنية العراقية الجميلة في الصميم، لذلك فإن هذه الفوضى التي تعيشها الأغنية العراقية الآن تؤثر تأثيراً سلبياً في الأجيال الجديدة، لأنها ستؤدي إلى ظهور جيل جديد لا يتمتع بالذائقة الجميلة، فالأغنية الجيدة لها دور كبير في تربية الأفكار والذوق والحس المرهف لدى من يسمعها، أما الذي يحصل الآن فهو عبارة عن فراغ في فراغ، لأن الكلمة الجميلة التي تحمل المفهوم الأخلاقي والفني قد ذهبت .
ما السبب الذي أدى إلى حصول هذا التراجع الكبير في سوق الأغنية العراقية؟
- أنا لا أريد أن أقول إن هناك مؤامرة تحاك ضد الأغنية العراقية، لأنني لا أمتلك الدليل على ذلك، لكني أرى أن الوضع وصل إلى ما هو إليه الآن وهذا ناجم من عملية التسويق في عالم الأغنية العراقية وحتى العربية، أما الآخرون مثلي ومثل غيري الذين يحرصون على تقديم الأغنية ذات الذوق الرفيع فلا يجدون الفرصة لتقديم الغناء الجيد، لأن الطوفان أزاحنا عن مواقعنا بمسافات كبيرة جداً بحيث لم نعد قادرين على المواجهة أو حتى مجاراة الموجة الراهنة، فنحن في بداية شبابنا عندما تظهر قصيدة لشاعر ما في التلفزيون ترى أن أغلبية أبناء الشعب العراقي قد حفظوها عن ظهر قلب وكذلك الحال مع الأغنية، أما الآن فلا يوجد اهتمام بالثقافة والإبداع .
هل أفهم من ذلك أن الثقافة بدأت تتراجع في بلاد الرافدين؟
- يجب ألا تتراجع الثقافة، لأن الثقافة هي التي تبني الأوطان وتجعل الشعوب متقدمة، وتاريخ الثقافة في وادي الرافدين متميز وعريق، لذلك يحاول الخيرون من الأوساط الثقافية والفنية ترك بصمة جيدة حتى نحافظ على ثقافة وادي الرافدين ونمنعها من الانحدار الذي مع الأسف الشديد، قد رافق الكثير من المفاصل الإبداعية والاقتصادية في هذا البلد خلال العقدين الأخيرين .
ما الأغنية الأقرب إلى نفسك؟
- أرى أن “النايل” وهو طور يغنى في المناطق الغربية من العراق هو الأقرب إلى نفسي، وأكثر أغنياتي هي من هذا الطور، فضلاً عن ذلك أرى نفسي في أغاني المطربين الراحلين داخل حسن وحضيري أبو عزيز . كذلك أحب سماع أغاني الأوبرا وأيضاً أحرص على سماع السيمفونية، كما أميل كثيراً إلى سماع الأغاني العراقية الفولكلورية . أما الأغاني الشعبية الحديثة فلا أحب أن أسمعها على الإطلاق .
أغنية لغيرك تمنيت أن تكون لك؟
- حقيقة كنت أتمنى أن أغني مثل داخل حسن وحضيري أبو عزيز لكني لم أستطع، كما كنت أتمنى أن أغني مثل بعض أقاربي الذين يغنون غناء البادية على آلة الربابة، وأتمنى أن أكون شاعراً مثل الشاعر الكبير مظفر النواب .
هل لك محاولات في مجال التلحين؟
- نعم لدي بعض الأغاني من ألحاني . لكنني لا أطرح نفسي كملحن بين الملحنين، إنما كل قضيتي مع الغناء هي سائرة في مجال الهواية لا غير .
عندما تقوم بالتلحين كيف تتعامل مع النص؟
- أكثر الألحان التي لحنتها كانت من كلماتي، لذلك يكون تلحيني لها بطريقة عفوية ولا تحتاج إلى طقوس معينة، بل أردد الكلمات مع نفسي بطريقة الغناء ثم بعد أن أقتنع بلحن الأغنية أقوم بتسجيلها